إرث بايدن مليء بالفظائع
عائدة أسعد
في خطابه الأخير أمام الدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة ، أكد الرئيس الأمريكي جو بايدن أن واشنطن تسعى إلى إدارة المنافسة مع بكين بشكل مسؤول حتى لا تنحرف نحو الصراع.
وفي حين تبدو مثل هذه الكلمات أقل مواجهة من خطابه المعتاد الذي يستهدف الصين، فإن ما كان يفعله على مدى السنوات الماضية أثار بشكل كبير احتمالية الصراع مع الصين على الجبهتين الاقتصادية والعسكرية.
وخلال حملته الرئاسية في عام 2020، انتقد بايدن سلفه دونالد ترامب لفرضه تعريفات جمركية عقابية على المنتجات الصينية قائلاً: “ترامب لا يفهم الأساسيات ويمكن لأي طالب اقتصاد جديد أن يخبرنا أن الشعب الأمريكي يدفع تعريفاته”.
وكان بايدن قد تعهد بإلغاء التعريفات الجمركية إذا انتخب رئيساً للولايات المتحدة، لكنه خان وعده وبدلاً من ذلك، ضاعف من هذه التعريفات الجمركية الحمائية ضد الصين، وكان آخرها إعلانه في أيار الماضي عن فرض تعريفات جمركية بنسبة 100٪ على المركبات الكهربائية المصنوعة في الصين، وزيادة التعريفات الجمركية على مجموعة من المنتجات الصينية من الفولاذ والألمنيوم والخلايا الشمسية، إلى أشباه الموصلات وبطاريات المركبات الكهربائية، والرافعات من السفن إلى الشاطئ والمنتجات الطبية.
كما أضافت إدارة بايدن كيانات صينية أكثر بكثير إلى قائمة الكيانات الأمريكية “سيئة السمعة” للقيود التجارية أكثر من ترامب، وقد أساءت استخدام القائمة، مما جعلها جزءاً من حملتها القمعية على الشركات الصينية عالية التقنية.
ولم تكتف الولايات المتحدة بإخبار الشركات الأمريكية، بل أجبرت أيضاً الشركات في الدول الحليفة لها في أوروبا وآسيا على فصل أو إزالة المخاطر من اقتصاداتها عن الاقتصاد الصيني من أجل كبح صعود الصين.
لقد كانت الولايات المتحدة تخيف شركة ASML الهولندية، وهي شركة رائدة عالمياً في تصنيع معدات صناعة الرقائق، لكبح صادراتها من المعدات المتطورة إلى الصين، وقد صرح وزير الشؤون الاقتصادية الهولندي، ديرك بيلغارتس، لوسائل الإعلام في واشنطن أنه يجب السماح لشركة ASML بممارسة الأعمال بحرية قدر الإمكان، مضيفاً أن الصين شريك تجاري مهم ولدينا اقتصادنا الخاص الذي يجب صيانته.
إن المنافسة الشديدة المزعومة بين بايدن والصين، في الواقع، لا علاقة لها بالمنافسة العادلة، لأنها تشمل كل أنواع التخريب، فإدارة بايدن تؤمن بمقولة أنه “إذا لم أتمكن من رفع نفسي، فسأسحبك إلى أسفل بشدة”، وقد شن بايدن حرباً اقتصادية شاملة ضد الصين، وهي حرب يمكن أن تنحرف نحو الصراع إذا تُركت دون رادع.
وعلى الصعيد الأمني، كانت إدارة بايدن استفزازية بنفس القدر، فعلى سبيل المثال كانت تحاول التدخل في قضية تايوان لاختبار صبر بكين من خلال التهديد بتجاوز الخط الأحمر لبكين، كما شملت محاولاتها زيارة نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب آنذاك إلى تايوان في آب 2022، والوفد الذي أرسله بايدن هذا العام لحضور تنصيب الرئيس الإداري للجزيرة لاي تشينج تي، وموافقة بايدن على العديد من مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى تايوان، وتغيير وزارة الخارجية لصياغة تايوان على موقعها على الإنترنت، ناهيك عن تراجع البيت الأبيض عن تصريحات بايدن بأن الولايات المتحدة ستأتي للدفاع عن تايوان عسكرياً.
كما كانت واشنطن تسلح الرباعية، المبادرة التعاونية المزعومة للولايات المتحدة والهند واليابان وأستراليا، وأوكوس، التحالف الأمني بين أستراليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة لاستفزاز وتهديد الصين.
ومثل الكونغرس الأمريكي، كثفت إدارة بايدن أيضاً بشكل كبير حملات التشهير والتضليل ضد الصين، وذلك لجعل سمعة الصين سيئة.
يُنظر إلى خطاب بايدن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة من قبل البعض على أنه خطاب التخريب، فقد كان الخطاب مليئاً بالتلميحات النرجسية ومحاولة رديئة لتمجيد الذات، وغالباً ما كان يتناقض بشكل حاد مع الحقائق على الأرض، وهذا ينطبق بشكل خاص على تصريحاته بشأن الهجوم الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة.
كما ووفقاً للعديد من خبراء السياسة الخارجية الأمريكية، كانت سياسته الخارجية المتحيزة، ورفضه حثّ “إسرائيل” بجدية على وقف الفظائع في غزة سبباً رئيسياً وراء الهجوم الإسرائيلي المستمر على الشعب الفلسطيني، وهذا ما سيكون إرث بايدن.