اقتصادصحيفة البعث

الأمم المتحدة والاقتصاد العالمي سنة 2024!

 د. حيان أحمد سلمان

عقدت الدورة التاسعة والسبعين /79/ للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك ولمدة /5/ أيام من 22 – 27 – 9 – 2024 تحت شعار “عدم تخلّف أحد عن الركب: العمل معاً من أجل النهوض بالسلام والتنمية المستدامة والكرامة الإنسانية للأجيال الحالية والمقبلة”، وهي المنظمة الوحيدة التي تجتمع بها دول العالم لمناقشة الوضع العالمي بهدف الانتقال نحو الأفضل، وتأسست الجمعية سنة /1945/ من قبل /51/ دولة والآن يبلغ عدد الأعضاء /193/ دولة ولكل دولة صوت واحد، وتقبل أي دولة كعضو بعد أن تقدم طلباً ويلقى موافقة من مجلس الأمن وبشرط أن لا تعارض أية دولة من الدول الخمسة الدائمة العضوية وهي “أمريكا – بريطانيا – فرنسا- روسيا – الصين”، حيث أن كل منها يمتلك إمكانية تعطيل أي قرار دولي يتخذه مجلس الأمن المكون من /15/ دولة، أي الدول الخمس الدائمة العضوية التي تمتلك حق الاعتراض VETO  مع عشر /10/ دول أخرى يتم انتخابهم لمدة /2/ سنة من قبل الدول الأعضاء في المنظمة وتمتلك حق التصويت وليس الاعتراض المعطل لصدور القرار، ويرأس المنظمة الأمين العام لها ويتم انتخابه لمدة /5/ سنوات قابلة للتجديد مرة ثانية وبتزكية من مجلس الأمن، ويتبع للمنظمة عدة أجهزة ومؤسسات أهمها “الجمعية العامة، ومجلس الأمن، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي، ومجلس الوصاية، ومحكمة العدل الدولية، والأمانة العامة للأمم المتحد”، ولكن يبقى مجلس الأمن هو من أهم المؤسسات لأنه يمتلك سلطة القرار، أي أنه يقرر بموجب المادة /52/ من الميثاق قضايا السلم والأمن الدولي والعقوبات الاقتصادية والسياسية وغيرها. أما المنظمات الأخرى تقدم توصيات فقط.

وأمام سلطة الدول الليبرالية والنيو ليبرالية يتراجع دور الأمم المتحدة من سنة لأخرى، وعبر أمينها العام (أنطونيو غوتيريش) بأن الاقتصاد العالمي سنة /2024/ في (المستنقع) فأي تنمية مستدامة ستتحقق؟!.

وأكد التقرير الصادر عن الجمعية العامة لسنة /2024/ تراجع معدل النمو الاقتصادي من /2،7%/ سنة 2023 إلى /2،3%/ سنة 2024، ودخول الاقتصاد العالمي مرحلة الركود والكساد والركود التضخمي وتراجع الائتمان المصرف من الإقراض والاقتراض، وتراجع عمل الأسواق وسلاسل التوريد وانسياب السلع والاستثمارات والتجارة الخارجية من صادرات ومستوردات، والتناقض بين السياستين النقدية والمالية من خلال اعتماد سياسة انكماشية تقييدية وليست توسعية انفتاحيه، وتراجع الأمن الغذائي ..الخ.

ومن جهة أخرى زيادة حجم الدين العام وتكلفة الديون وأعبائها والديون المعدومة والمشكوك في تحصيلها، وزيادة التوترات الجيوسياسية والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية وزيادة عدد المهاجرين، وزيادة المشاكل البيئة والمناخ والغذاء وعدد الجياع  وتأمين حوامل الطاقة، وتراجع مستوى التوجه نحو  الاقتصاد الأخضر والصحية ومعدلات البطالة والتضخم والصراع على الموارد ومشاكل ترسيم الحدود والإنفاق العسكري وسباق التسلح وزيادة عجز الموازنات السنوية وأسعار الفائدة والهوة بين الدول الغنية والفقيرة، وتراجع عمل المنظمات مثل الأونروا وأطباء بلا حدود وغيرهما…الخ.

هذه المؤشرات دفعت الكثير من دول العالم للدعوة إلى إصلاح الأمم المتحدة وخاصة (مجلس الأمن وهيكلية المنظمة) وهذا يحتاج بحسب الميثاق إلى موافقة ثلثي الأعضاء في المنظمة وعدم اعتراض أي من الدول الخمس الدائمة العضوية، وبدأ الإعلان عن تناقض طروحات الدول الخمس حول توسيع مجلس الأمن ولكن بما يخدم مصالحها، فمثلاً تدعو أمريكا وبريطانيا وفرنسا لانضمام كل من (الهند وألمانيا واليابان) بينما تدعو روسيا والصين بانضمام (الهند والبرازيل وجنوب إفريقيا)، ومع سيادة الضبابية في عمل الأمم المتحدة وسيطرة عدم اليقين لا سيما بعد زيادة عدد الدول الأعضاء في المنظمة وتضاعفها /4/ أضعاف ووجود تغيرات جيوسياسية واقتصادية وعسكرية كبيرة فإننا نسأل: هل تستطيع المنظمة ومجلس الأمن بميثاقها من تحسين الوضع الاقتصادي العالمي وتقليل الانقسام العمودي والأفقي بين الدول الخمس الدائمة العضوية لمعالجة المشكل الدولية الكبرى مثل الموقف من فلسطين وأوكرانيا وبحر الصين الجنوبي وتايوان وغيرها؟.

وماهي المعايير المعتمدة لاختيار الدول للعضوية الدائمة، فهل هي معايير اقتصادية أم سياسية أم سكانية أم جغرافية؟ كأن يوجد ممثل عن أفريقيا وأمريكا اللاتينية، هل ستظهر مواقف دولية أخرى مثل دعوة كل من إيطاليا وباكستان والمكسيك ومصر وإسبانيا والأرجنتين وتركيا وكندا، بزيادة مجلس الأمن مع المحافظة على الدول الدائمة العضوية؟

أم هل سيتم إلغاء دور الأمم المتحدة بشكل كامل أو كبير كما تفعل أمريكا وإسرائيل حيث صرح مؤخرا مندوبها (جلعاد أران) قائلاً: “يجب إغلاق مبنى الأمم المتحدة ومحوه من على الأرض، وأن هذا المبنى جميل من الخارج، لكنه أعوج ومشوه”!

وأين سيكون الاقتصاد العالمي بعد أن يتحول العالم إلى صراع بين الأقوياء يدفع ثمنه الضعفاء من دول وأفراد؟، أم هل سيتعظ الأمين العام للأمم المتحدة من انسحاب أغلب وفود دول العالم من اجتماع الجمعية العامة عندما بدأ الفاشي نتنياهو بإلقاء كلمته بتاريخ 27/9/2024؟!.

دمشق 27 /9/ 2024