الثروة الحراجية.. تآكل سريع بفعل الحرائق والتحطيب.. والزراعة تكتفي بالإحصاء والتصريحات!
دمشق – بشير فرزان
في وقت نسمع عن قيام الضابطة الحراجية في العديد من المديريات بمصادرة الأحطاب المقطوعة بشكل غير قانوني، والتي كان آخرها قيام مديرية زراعة ريف دمشق بالتنسيق مع دائرة زراعة الزبداني بمصادرة 4 أطنان من الأحطاب المقطوعة من نوع سنديان في موقع عطيب بمنطفة سرغايا، كما صادرت الضابطة الحراجية في الهيئة العامة لإدارة وتطوير الغاب سيارة مخالفة محملة بجذور الزيتون، وفق ما نُشر على صفحة الوزارة، نجد أن هذه المخالفات تترافق بخطر آخر على المناطق الحراجية يتمثل بامتداد الحرائق التي تلهتم آلاف الهكتارات الحراجية، وطبعاً هذه الوقائع تؤكدها تصريحات المعنيين الذين يستمرون في دقّ نواقيس الخطر دون أن تفلح إجراءاتهم في قمع هذه الظواهر أو التخفيف من أضرارها التي باتت أكثر عمقاً ونزفاً بحق هذه الثروة الوطنية.
ولا شكّ أن تحذيرات مدير الحراج في وزارة الزراعة، الدكتور علي ثابت، الأخيرة حول ارتفاع خطر الحرائق في بعض المناطق الحراجية الساحلية خلال العشرة أيام القادمة نتيجة ارتفاع درجات الحرارة، يندرج ضمن قراءة مستقبلية لضعف الإجراءات الاحترازية التي كان من المفترض اتخاذها ضمن نطاق الجاهزية التي يعلن عنها في هذه المجال.
ولو أخذنا بعض المناطق المدرجة في توقعات مدير الحراج، كغابات الفرنلق والربيعة وغيرها من الغابات، لوجدنا أن التساؤل ذاته يلاحق عمل هذه الجهات: أين إجراءاتكم؟ وأين الطرق التي تسهل الوصول إلى هذه الأماكن؟ بالمختصر.. ماذا فعلتم مع تكرار الحوادث التي يشكّ أن بعضها مفتعل؟
ومن المؤسف الاستمرار في تعليق أسباب الحرائق على طبيعة الغطاء النباتي من الصنوبر البروتي الذي يعدّ أكثر حساسية لحدوث الحرائق، ويمتد في حال اشتعاله إلى مناطق واسعة، إضافة إلى الغابات العريضة الأوراق، سواء تلك الموجودة على السفح الشرقي من سلسلة الجبال الساحلية أو المطلة على الغاب باتجاه مناطق جبلة وصولاً إلى بانياس وبعض المناطق الأخرى في طرطوس. وكما يصرّح دائماً، فإن الحرائق أكثر ما تندلع سنوياً في شهري أيلول وتشرين الأول، حيث يعاني الغطاء النباتي في هذين الشهرين من عجز مائي كبير، إضافة إلى توفر العوامل الثلاثة التي تسبّب الحرائق إذا اجتمعت مع بعضها، وهي الوقود والأوكسجين والمصدر الحراري.
ومن باب عدم إغفال أي نجاح لوزارة الزراعة ومديريات الحراج، لا بدّ من الإشارة إلى أنها استطاعت وبشكل لافت الكشف عن وقوع نحو 230 حريقاً حراجياً خلال العام الحالي على امتداد نحو 210 هكتارات، مع إشارتها إلى أن الطقس ليس المسبّب الوحيد للحرائق، إذ إن 96 بالمئة منها ناتجة عن العامل البشري، سواء كان بشكل مقصود أم غير مقصود، كما قدّمت أحد المتهمين في إشعال الحرائق، واستشهدت بأنه خلال موسم قطاف الزيتون تلجأ العائلات إلى حرق المخلفات الناتجة عن تنظيف أراضيها وتقليم الأشجار بعد الانتهاء من جني المحصول، ويفقد الفلاح السيطرة على النار في الكثير من الأحيان فتمتد إلى الأراضي الحراجية الأخرى وتؤدي إلى كوارث كبيرة.
بالمحصلة.. نعلم تماماً أن مكافحة المخاطر التي تهدّد المناطق الحراجية مسؤولية مشتركة بين المجتمع المحلي ووزراة الزراعة، إلا أن ذلك لا يعني الاكتفاء بالإعلان عن الاستعداد لمواجهتها من خلال تهيئة العناصر الحراجية والفرق الإطفائية والمخافر وعناصر الضابطة الحراجية دون أن تسهم إجراءاتها الوقائية في التخفيف من عددها المتزايد، والتي باتت أسبابها معروفة مع النقص الحاد في المحروقات وانتعاش تجارة الحطب والفحم وارتفاع أسعارها بشكل يغري الكثير من ضعاف النفوس.