الكلمة للميدان
سنان حسن
منذ بدء العدوان الإسرائيلي على لبنان، والاستهدافات التي قام بها وصولاً إلى استشهاد عدد من قادة المقاومة وفي مقدمتهم السيد حسن نصر الله، اعتقد العدو أن ما قام به كاف لإسقاط المقاومة وجمهورها، ودفعها إلى الإذعان لشروطه التي نقلها مبعوثون إسرائيليون بجنسيات فرنسية وأمريكية، ولكن ما راهن عليه العدو سقط في أرض الميدان، حيث فشلت قواته المحتشدة على الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة من الدخول والتثبيت في أي نقطة من نقاط المواجهة، على الرغم من كل الحشد العسكري الذي وصل إلى أربع فرق عسكرية وحشد من الطيران والتكنولوجيا المتطورة.
لقد بدد الصمود الكبير لأبطال المقاومة كل السيناريوهات التي رسمها الاحتلال، الأمر الذي دفع آلة القتل الصهيونية إلى الإيغال في استهداف المدنيين والبني التحتية والتي وصلت حد استخدام القنابل العنقودية والفوسفورية المحرمة دولياً، في محاولة لكسر إرادة بيئة المقاومة ودفعها للخروج في وجه أبنائها، ولكن هذا الرهان أيضاً فشل ..
والأمر الأهم أن المقاومة ثبتت من جديد معادلة الردع عابرة الحدود من خلال استهداف مركز للداخل الإسرائيلي، حيث أسفرت ضربات المقاومة عن هروب آلاف المستوطنين من مدن حيفا وطبريا وصفد المحتلة، وإخلاء العدد الأكبر من المصانع المهمة في خليج حيفا، وحولت القواعد الإسرائيلية إلى مناطق اشتباك بالنار. ولعل ما جرى بالأمس في قاعدة بينامينا في جنوب حيفا خير دليل على ذلك، حيث استطاعت مسّيرة للمقاومة من الانقضاض على جنود النخبة في “لواء غولاني”، وتحقيق إصابات في صفوفهم وصلت إلى من 70 جندياً بين جريح وقتيل ..
وعليه، فإن المحاولات الإسرائيلية لتحقيق نصر سريع وخاطف ضد المقاومة في لبنان باء بالفشل، وحول الأنظار من جديد إلى الجبهة الداخلية التي بدأت بتوجيه الانتقادات إلى بينامين نتنياهو وعصابته المتطرفة التي تريد إطالة الحرب، وتعريض المزيد من “الإسرائيليين” إلى التهجير والقتل، ولعل ما قاله جدعون ليفي في صحيفة “هاآرتس” الإسرائيلية يختصر الكلام: “إسرائيل” تعيش الغطرسة وتريد تغيير الشرق الأوسط معتبراً أنّ هذه الغطرسة جعلت “إسرائيل” تعيش انتصاراً وهمياً سينتهي بالدموع والدم والانهيار حتماً…
والحال، فإن كل الاستغلال السياسي، سواء على جبهة الإسناد اللبنانية، أو غيرها من جبهات المقاومة، لن يحقق ما عجزت عنه آلة الحرب، وحتى التباكي بخوفهم على تلك الجبهات ومحاولة اللعب على حبال الخوف على الأمن القومي لن تحقق لهم ما يردون، فالمقاومة التي حفرت بدماء الشهداء وتضحيات الجرحى مساراً من العزة والكرامة والانتصار، جاهزة اليوم لإكمال المسيرة وتحقيق انتصار جديد.