تحقيقاتصحيفة البعث

إلى أيّ مدى يستفيد أطباء الأسنان من التقنيات الجديدة.. وهل يهتمون بتطوير عياداتهم وتسويقها؟

علي عبود

كشفت فعاليات المؤتمر العلمي الدولي الثاني والعشرين لنقابة أطباء الأسنان الذي انعقد في قصر المؤتمرات بدمشق، يوم 25/ 9/ 2024، عن أحدث الابتكارات والتطورات في مجال طب الأسنان، وقد تمّ عرض الكثير منها في المعرض المصاحب للمؤتمر بحسومات مغرية.

ولعلّ الجانب المهمّ في هذا المؤتمر أنه أضاء على الحجم الكبير من الخدمات التي تقدّمها الدولة لآلاف المرضى في مجال الطبابة السنيّة مجاناً، إلى جانب الخدمات المأجورة في المراكز وعيادات القطاع الخاص، وكلّ ذلك جعل من سورية في السنوات الأخيرة مقصداً لعلاج أمراض وزراعة الأسنان، وتحديداً القادمين من الخارج نظراً لانخفاض أسعارها مقارنة بدول الجوار والمنطقة.

وهذا الواقع يجعلنا نتساءل: إلى أي مدى يستفيد أطباء الأسنان السوريين من التقنيات الجديدة؟.. وهل يهتمّون بتطوير عياداتهم إدارياً ومالياً وتسويقياً؟.

خدمات مجانية

وكان المؤتمر فرصة لوزارة الصحة لتسليط الضوء على الجانب المجاني في علاج الأسنان، خاصة وأن غالبية المواطنين لا يعرفون بوجودها، ويظنون أنها مأجورة لا تتوفر إلا في القطاع الخاص، وقد كشفت الوزارة أنها توفر خدمات صحة الفم والأسنان مجاناً رغم ارتفاع تكاليفها من خلال 670 عيادة في المشافي والمراكز الصحية الموزعة في مختلف المحافظات، بالإضافة إلى المراكز النوعية لطب الأسنان التي تقدّم خدمات علاجية تخصصيّة كجراحة الفكين والتقويم وأمراض اللثة وعيادة المشورة السنية التخصصيّة لمرضى الإيدز والتهاب الكبد الوقائي، وقسم المداواة اللبية في محافظة حماة، وقد قدّمت مشافي وزارة الصحة 286 ألف خدمة متعلقة بصحة الأسنان خلال الأشهر التسعة الأولى من هذا العام.

ومع ارتفاع تكاليف طبابة الأسنان مقارنة بالدخول الضعيفة، من المهمّ أن تعلن وزارة الصحة عبر وسائل الإعلام المختلفة عن توفرها مجاناً، بل وأن تبثّ تقارير مصورة عن أنواعها عبر التلفزيون السوري.

فرصة للأطباء الشباب 

ومن المهمّ التأكيد أن المؤتمر كان فرصة لأطباء الأسنان الشباب لعرض حالاتهم العلمية الموثقة، ومناقشتها مع عدد من المختصين في طب الأسنان العرب والسوريين، والتعرف على كلّ ما هو جديد من تقنيات ومعدات.

ونشير في هذا السياق إلى أن الكثير من أطباء الأسنان المشهورين قد لا يشاركون في هكذا مؤتمرات إلا كمحاضرين، بل نادراً ما يتابعون المؤتمرات الخاصة بهم عبر وسائل الإعلام إلا مصادفة، على الرغم من أن عدداً من الباحثين قدّموا في المؤتمر العلمي الدولي الثاني والعشرين لنقابة أطباء الأسنان خلاصة أعمالهم ونتائج أبحاثهم ضمن سلسلة محاضرات تجاوزت الـ 80 محاضرة، ناقشت الطرق الحديثة في جراحة الفم والوجه والفكين وأحدث التقنيات في زراعة الأسنان، واستخدام الذكاء الصناعي في تعويضات الأسنان الثابتة والمتحركة وأحدث ما توصل إليه العلم في هذا المجال.

ونشير هنا إلى محاضرة الدكتور محمد أسامة الجبان التي تناولت تطبيقات الذكاء الاصطناعي بالمداواة اللبية، مبيناً أن جامعة دمشق قطعت شوطاً كبيراً في تشجيع تطبيقات الذكاء الصنعي عبر اتفاقية مع اتحاد الجامعات العربية وجامعة عجلون لتشجيع هذا الاختصاص وتعزيز دوره.

دبلومات نوعية

والمهمّ جداً في هذا المؤتمر المعرض الذي أتاح الفرص لأطباء الأسنان في سورية للاطلاع على أحدث المنتجات والتقنيات العالمية إلى جانب تنظيم ورشات تدريبية تهدف إلى تطوير مهارات الأطباء والطلاب، وتمكينهم من مواكبة أحدث التطورات والتعريف بالمواد وطرق استخدامها في قطاع طب الأسنان.

ومما لا شكّ فيه أن معرض طب الأسنان أتاح للأطباء الحصول على الأجهزة والمستلزمات الطبية بهدف تطوير عياداتهم وممارساتهم وفق أحدث المعايير العلمية بحسومات خاصة، أي أقل من أسعارها من الشركات المصنّعة.

وما لفتنا في هذا المجال قيام بعض الشركات بتقديم دبلومات متخصّصة لأطباء الأسنان، وهي الأولى من نوعها في سورية معتمدة خارجياً تهدف إلى تأهيل الأطباء من الناحية الإدارية والمالية والتسويقية مما يساعدهم على إدارة عياداتهم ومراكزهم بنجاح، وهذه المبادرة تأتي بإشراف نقابة أطباء الأسنان في سورية، وتوفر فرصة فريدة للأطباء لتطوير مهاراتهم في مجالات الإدارة التي أصبحت ضرورية لنجاح أي عيادة طبية، والسؤال: هل استفاد أطباء الأسنان من المعرض؟.

أحدث الابتكارات

وكان لافتاً تركيز المؤتمر على مناقشة أحدث الابتكارات والتطورات في مجال طب الأسنان، وبمشاركات عربية ودولية، وتميّز بتنوع برامجه العلمية والمهنية، وشكل فرصة ثمينة أمام أطباء الأسنان للتلاقي وتبادل الخبرات، ومن المستغرب تخلّف العديد منهم عن المشاركة ولو من باب الفضول لما يتضمنه المعرض من تقنيات حديثة، وكأنّهم أساتذة كبار يلمون بكل المستجدات عن بعدّ، مع أن المؤتمر كان فرصة لتبادل الخبرات حول استخدام التقنيات المتقدّمة، وخاصة استخدام الذكاء الاصطناعي في طب الأسنان.

لقد عرض المؤتمر أبحاثاً متخصّصة في طب الأسنان العلاجي والترميم والجراحة، وكلّ ما يواكب التطورات العلمية والتركيز على الابتكارات التي تسهم في تحسين الرعاية الصحية في طب الأسنان.

وحرص أصحاب الشركات المشاركة في المعرض التي زادت عن 40 شركة متخصّصة في إنتاج وتوزيع المعدات الحديثة في طب الأسنان على تقديم أحدث المنتجات والتقنيات العالمية، وتعزيز التعاون مع الأطباء والممارسين للارتقاء بمستوى الخدمات الطبية المقدّمة في سورية، عبر استعراض الحلول المبتكرة وتنظيم ورشات تدريبية مجانية للتعريف بالمواد وطرق استخدامها، بهدف تعزيز وتطوير مهارات الأطباء والطلاب، وتمكينهم من مواكبة أحدث التطورات في هذا القطاع الحيوي.

وكان المعرض فرصة أيضاً ليستفيد الأطباء من الحسومات على الأجهزة والمستلزمات الطبية، بهدف دعمهم في تطوير عياداتهم وممارساتهم الطبية بما يتماشى مع أحدث المعايير العلمية.

معوقات مالية

كما نعلم، يواجه أطباء الأسنان مشكلات مالية عند تأسيس عيادتهم الخاصة، وباستثناء قلّة من المقتدرين مالياً فإنهم يضطرون لاستجرار قرض بعشرات الملايين لشراء المعدات الخاصة بطب الأسنان، وغالباً تقتصر على الضروري منها وبأسعار تناسبهم.

نعم، معدات الأسنان الحديثة غالية، وربما لهذا السبب يلاحظ زبائن الكثير من الأطباء الذين اكتسبوا شهرة فيما بعد أن عياداتهم لا تزال على حالها، ونادراً ما يشتري طبيب الأسنان جهازاً متطوراً إلا إذا كان مدرّاً للمال، وباستثناء المراكز الحديثة فإن الطبيب يلجأ إلى مراكز أخرى متخصّصة يرسل إليها زبائنه للتصوير الشعاعي أو الثلاثي الأبعاد، وهو إما يتقاضى عمولة منها أو يكون مستثمراً فيها، وبالتالي نسأل: هل سعى بعض الأطباء لرفد عياداتهم ببعض الجديد في طب الأسنان؟