الجودة ليست ترفاً.. بل “حق” مشروع!
حسن النابلسي
ليست هي المرة الأولى التي نتحدث فيها عن مفهوم الجودة، ولا نأت بجديد بتأكيدنا أن هذا المفهوم لا يزال غائباً عن قاموس الجهات المعنية بالإنتاج المحلي، أو بالاستيراد، إذ تشير مجريات الأمور إلى أن هذه الجهات تعتبر أن هذا الموضوع يندرج تحت إطار الترف الاقتصادي ليس إلا، تحت ذريعة أن ثمة أولويات يجب العمل عليها، جاهلة أو متجاهلة أن تهميش هذا المفهوم له عواقب صحية وبيئية واقتصادية!
وسبق لنا أيضاً أن أشرنا إلى التدفق الهائل للشواحن السيئة الصيت التي غزت أسواقنا بداية الأزمة تحت ماركات أقل ما يقال عنها بأنها مغمورة، ولنا أن نتخيل حجم الهدر والخسارة المحققتين جراء استيراد بضائع لا تحمل شهادات تحقق أدنى معايير الجودة والمقاييس العالمية، أو حتى المحلية، وإن كانت زهيدة الثمن مقارنة بنظيراتها المشهود لها، ولنا في مثالنا السابق خير دليل!
الآن، وبعد انتهاء موضة هذه الشواحن، والاستعاضة عنها بالليدات نتيجة استمرار التقنين الكهربائي، تطفو إلى السطح البطاريات المشغِّلة لهذه الليدات، فمعظمها ذو ماركات غير معروفة، وذو مستوى تصنيعي رديء، وذلك نتيجة عدم اعتماد أي منها لشهادة جودة من قبل أية جهة رسمية حكومية، أو منظمة مخولة بإعطاء الأيزو أو ما شابه، والأخطر من ذلك أنها مشروع لنفايات خطرة ستزيد من فاتورة أعبائنا البيئية والصحية، إذ يؤكد العارفون أن هذه المُدّخرات تحوي على مادة الرصاص السامة وهو المعدن السام الوحيد الذي تنتقل أعراض التسمم به إلى الأجنة!
ولعل الجديد بهذا المحور هو أن هناك مواد ذات سمية نتيجة افتقارها لأدنى معايير الجودة تغزو الأسواق بشكل كبير ولا ينتبه إليها المواطن العادي، منها على سبيل المثال لا الحصر “لمبات توفير الطاقة” التي تحوي مواد كيماوية سمية، وفق تأكيدات أهل كار الجودة لدرجة وصفهم إياها بـ “قنابل موقوتة في المنازل”!
طبعاً هذه ليست دعاية سلبية على الإطلاق لهذا المنتج الموفر حقيقة للطاقة، ولكنها رسالة موجهة إلى الجهات المعنية لإخضاع هذا المنتج وغيره من المنتجات المحلية والمستوردة للمواصفات والمقاييس المعتمدة.
يبقى أن نشير إلى أن الجودة هي أسلوب شامل لتطوير الأداء المؤسساتي ككل من الألف إلى الياء، ويقتضي ترسيخها إنشاء قاعدة من القيم والمعتقدات التي تجعل كل موظف يعلم أن الجودة هي الهدف الأساسي للمنشأة التي يعمل بها.
hasanla@yahoo.com