منتخبنا الكروي في دورة تايلاند بين الواقع والتحليلات
ناصر النجار
أنهى منتخبنا الوطني لكرة القدم مشاركته في دورة تايلاند بفوز وخسارة، وجاء في مركز الوصيف، خلفاً لتايلاند البلد المستضيف، حيث تباينت ردود الأفعال حول خسارة منتخبنا الأخيرة، وحول الأداء غير المتوقع الذي قدّمه لاعبونا، وكثرت التحليلات وكثر الكلام المقبول وغير المقبول حول هذه المشاركة وحول كلّ تفاصيلها، ونحن نرى الموضوع من وجهتي نظر مختلفتين.
الأولى أن هناك من ينتقد المنتخب سلبياً من باب حبّ النقد دون الغوص بالأسباب والمسبّبات والعوامل التي أدّت إلى مثل هذا الأداء، والثانية هناك محللون يفسّرون شكل الفريق وأسلوب اللعب وتمركز اللاعبين ومهامهم، وهل أدوا أدوارهم المنوطة بهم، ويعرجون على أسباب الخسارة ومن يتحمّلها، وهؤلاء يتحدثون بتجرد ضمن منطق كرة القدم وفكره الكروي.
الفريق الأول الذي يتخذ من التنظير والنقد السلبي طريقاً لا يمكن قبول تصريحاتهم، لأن كلّ كلامهم هدام وبعيد عن المنطق والعقلانية، أما الفريق الثاني فيبقى كلامهم ضمن ما يُسمّى فلسفة كرة القدم وأسلوبها العصري.
منتخبنا في الحقيقة قدّم أسوأ عرض له منذ تولي المدرّب الإسباني خوسية لانا القيادة الفنية للمنتخب، لذلك فوجئ المتابعون وجمهور الكرة بمثل هذا الأداء، لأنهم كانوا يتوقعون أن يرتقي خطوة إضافية للأمام، لكنهم وجدوا أن المنتخب تراجع إلى الوراء كثيراً، لدرجة أن بعضهم تذكّر عروض المنتخب زمن كوبر، وبعضهم اعتبر أن المدرّب أخفق في مواجهة منتخب قويّ، بينما أفلح ونجح بمواجهة منتخبات أقل قوة وهي عادية والتي فاز عليها منتخبنا في المباريات الثلاث السابقة.
قد يكون هذا الكلام صحيحاً إلى درجة ما إذا أردنا تقييم المنتخب والعمل فيه من خلال مباراة واحدة كان لها ظروفها وأحوالها، المباراة القادمة ستكون مع روسيا، وهي مباراة قوية وصعبة جداً، ومن يتوقع أن يفوز منتخبنا على روسيا؟ وهل المطلوب من منتخبنا أن يفوز أم أن يتابع تحضيره وتجهيزه للمستقبل.
الكلام في الوقت الحالي يجب أن يصبّ حول عملية بناء المنتخب، وهذه الفترة يجب أن تمرّ بنكسات وعثرات وأخطاء وظروف، ظروف المنتخب في هذه المشاركة لم تكن جيدة مع الغيابات المؤثرة والإصابات التي لحقت ببعض اللاعبين، سواء قبل السفر إلى تايلاند أو اُثناء التمارين هناك.
المهمّ من كلّ ما حدث أن نستفيد من هذه المشاركة ودروسها، وأن نضع النقاط على الحروف من خلال معالجة الأخطاء والثغرات، وعلى صعيد اللاعبين فإن المتوقع أن يكون المدرّب قد وصل إلى قناعة باللاعبين الـ 31 الذين جرّبهم في فترة الشهرين الماضيين، ولا شكّ أن غربلة بعض اللاعبين ستكون من أولويات العمل في المرحلة المقبلة، المهمّ أن المدرّب الإسباني يعمل ويجتهد، وبناء منتخب قوي لا يتمّ بين يوم وليلة، وما علينا إلا الانتظار، ونأمل ألا يطول انتظارنا.