كغ الحرير يتخطى حاجز المليونين.. وإيجاد أسواق تصديرية أبرز التحديات
دمشق – زينب محسن سلوم
من باب التجربة والممارسة لتربية دودة القز لم يتوانَ أحد المربين بمنطقة الدريكيش في التأكيد على أن تربية دودة القز تناسب درجات الحرارة والظروف البيئية السائدة في المنطقة، وتشكّل مشاريع صغيرة ذات مردود جيد للأسرة، ولاسيما أن دورة حياة الدودة قصيرة وتحتاج إلى رأسمال قليل، وشروط زراعتها وتكاليفها تنحصر في توفر غرفة مساحتها لا تتجاوز 3×3 م، إضافة إلى توفير غراس التوت، وعلبة من الديدان تحوي ٣٠ ألف بيضة بتكلفة ٣٥٠ ألف ليرة، لافتاً إلى أن المردود من إنتاج خيوط الحرير يعتبر جيداً، حيث يصل السعر حتى 2 مليون ليرة للكيلو الواحد، شرط أن يلتزم المربي بمراعاة ظروف وشروط مناخية خاصة للتربية ضمن بيئة مغلقة، وخاصة خلال فصلي الصيف والربيع، فلا يمكن تربية الدودة شتاءً لأنها تحتاج درجات حرارة ما بين 18-26 مئوية، ونسبة رطوبة تتراوح ما بين 40-60.
وأكد أحمد الدبيك، رئيس جمعية الخياطة بحماة لـ”البعث، أن تربية دودة القز تراجعت في الأعوام الأخيرة في سورية لعدم وجود سلالات سورية جيدة وعدم الاهتمام بهذه المهنة، إلى جانب ندرة أشجار التوت التي تتغذّى عليها الدودة واقتطاعها واستبدالها بأشجار أخرى كالزيتون واللوز، إلا أنه استطاع أن ينجح في تربية دودة القز رغم وجود بعض المشاريع السابقة في الريف، وتحديداً في دير ماما بمنطقة مصياف، منوهاً بضرورة تخصيص غرفة في المنزل والحرص على تعقيمها وتنظيفها بشكل مستمر، وتأمين أوراق التوت التي تتغذّى عليها الدودة. وأضاف: يمكن الاستفادة من الشرانق في صنع الماء المقطر وصابون الحرير الطبيعي، وكل ما يخصّ تنقية البشرة، وفي صناعة الشامبو، مردفاً: إنه يسعى بالتعاون مع نادي تربية دودة القز في اللاذقية لاستقدام سلالات يابانية وزراعة شجر التوت الياباني كون التجربة اليابانية حقّقت نجاحات مبهرة.
من جهتها، المهندسة إيمان رستم، رئيسة دائرة النحل والحرير في وزارة الزراعة بيّنت لـ “البعث” أن تربية دودة القز وإعادة تفعيل إنتاج الحرير يشكل نقلة نوعية في صناعة الأنسجة السورية المميزة نسبياً، وهي أيضاً إحياءٌ للحرف التراثية المرتبطة بالفلكور التراثي السوري تاريخياً، كما تعتبر تربية دودة الحرير من النشاطات الزراعية والمشاريع الأسرية الريفية المجدية اقتصادياً والمولّدة للدخل في خضم الظروف الاقتصادية التي نعيشها، وهي من النشاطات التي لا تتطلّب مستلزمات عمل مكلفة أو رأس مال كبيراً للبدء بها، ولاسيما أن وزارة الزراعة تدعم خطوات تربيتها. وتابعت: إنه دعماً من وزارة الزراعة لهذا القطاع وبناءً على رغبة المربين تمّ خلال هذا العام، بالتنسيق مع غرفة زراعة دمشق وريفها، استيراد بيوض دودة القز من دولة الهند من سلالتين إحداهما ذات حرير أبيض، والأخرى ذات حرير أصفر، كما تمتاز كلاهما بأن الحرير الناتج ذو جودة عالية، وتتوافق في تربيتها مع طبيعة ومناخ البيئة المحلية، ومتابعة لما تمّ تنفيذه خلال الموسم السابق ولضمان نجاح التربية واستمراريتها في الموسم القادمة تمّ وضع خطة عمل تنفيذية، تتضمن التوسّع في زراعة أصناف التوت الملائمة للتربية، وزيادة أعداد المرببن، وتأهيل جميع الراغبين بالتربية فنياً من خلال تنفيذ الدورات التدريبية وتزويدهم بمختلف النصائح والإرشادات التي تضمن الأساليب الصحيحة والحديثة بالتربية، حيث تجري حالياً دراسة تقديم دعم مالي مناسب للمربين بآلية صحيحة تضمن استمرار التربية وتشجيع المربين.
وحول تركز نشاطات تربيتها، أوضحت المهندسة رستم أنه من أكثر المحافظات المشهورة بالتربية اللاذقية- طرطوس- حماة- حمص، ملخصةً التحديات والصعوبات بضرورة نشر التقنيات والأساليب الحديثة، وإيجاد السوق الخارجية المهتمة بصناعة الحرير، وضرورة ربط مخرجات عملية التربية بمدخلات صناعات أخرى (طبية- تجميلية).
وحول التسهيلات التي ستقدّم للمربين، أشارت المهندسة رستم إلى وجود تنسيق مع بعض الجهات الراغبة بالحصول على الشرانق، كما تجري حالياً دراسة إمكانية تقديم الدعم المادي المناسب للمربين، وإنتاج وزراعة أصناف التوت الملائمة للتربية في الأماكن المناسبة للمربين، والمتابعة الفنية للمربين وتنفيذ الجولات والدورات وكلّ الإرشادات لاتباع الأساليب الصحيحة في التربية.