صحيفة البعثمحليات

ضيعان التعب…!!

غسان فطوم 

بعد سبع سنوات، ها هو المشهد المؤلم يتكرّر من جديد بفعل فاعل متجرّد من الأخلاق وكلّ القيم الإنسانية، ويمارس الفوضى والفساد والعبث بأرزاق الفلاحين المتعبين!  

تفاصيل المشهد المحزن تتجسّد باحتراق أكثر من 100 دونم من الأراضي المزروعة بالزيتون في قرية حداثة بريف حمص الغربي بمنطقة جبل الحلو، حيث قضى الحريق على أكثر من 300 شجرة زيتون معمّرة يقدّر إنتاجها بعشرات الأطنان، نسبة كبيرة منها تفحّمت، ولن تعطي ثماراً إلا بعد ست سنوات تحتاج خلالها للكثير من التعب والمال لتعطي من جديد. 

فلاحو القرية “رفعوا العشرة”، ولسان حالهم يقول “يا ضيعان التعب الذي بذلناه والمال الذي أنفقناه في أراضٍ تحولت إلى رماد”.. هؤلاء لم يعد لديهم قدرة على تحمّل الخسائر، فالحريق الماضي الذي حدث عام 2017 كانت خسائره أكبر من حريق هذا العام، وها هم اليوم بعد صبر حوالي ثماني سنوات على آلامه، وأحلام بجني محصول جيد لهذا الموسم تحولت إلى كوابيس قبل أيام من بدء موسم قطاف الزيتون، بفعل الحريق الجديد الذي ارتفعت ألسنة نيرانه إلى أكثر من ستة أمتار لتحرق الأخضر واليابس، والسبب عدم حراثة الأرض نظراً لارتفاع أجور الحراثة لأكثر من 250 ألف ليرة للساعة الواحدة، وما زاد الطين بلّة عدم وجود طرق زراعية، وهو المطلب الأزلي لمزارعي القرية والقرى المجاورة لها منذ سنوات عديدة، حين كان شق وتعبيد الطريق الزراعي لا يشكل عبئاً على موازنة الجهات المعنية، لكن لا حياة لمن تنادي، أما اليوم فكلفة تعبيد طريق زراعي “من قريبو” يكلف الكيلو متر الواحد بحدود عشرات الملايين، بل مئات، ما يعني لا أمل كبيراً بإنجاز أي طريق زراعي! 

الفلاحون يستغربون تكرار التصريحات بدعمهم من قبل وزارة الزراعة واتحادهم، ولا يوجد شيء منها على أرض الواقع، أقلها تعويضهم عن الخسائر بمبالغ مالية أو بإعطائهم غراساً مجانية بديلة عن التي تفحمت! 

حال فلاحي المنطقة يرثى لها، والكثير منهم بات يفكر جدياً بترك زراعة الزيتون والتفاح وغيرها من الأشجار المثمرة، واستبدالها بزراعات موسمية خوفاً من الحرائق والخسائر التي لا تحتمل، فهل من معين وداعم حقيقي لفلاحي المنطقة لتحفيزهم على التمسّك بالأرض التي تعتبر من الأراضي الخصبة في إنتاج التفاح والزيتون والكرمة والتين والرمان؟!