صناعة انتصار زائف عبر الإعلام
د.معن منيف سليمان
يلجأ كيان الاحتلال الصهيوني المهزوم والمأزوم إلى صناعة انتصار زائف عبر أذرعه الإعلامية المتعددة، وعبر أجهزته المخابراتية، وعلى رأسها “الوحدة 8200” المتخصصة في الحروب الالكترونية في جيش الاحتلال، وذلك باستعمال صور ومقاطع فيديو مضللة، وغير صحيحة أو بنشر معلومات لا صحة لها تصور المقاومة في لبنان بالضعف واليأس كمدخل يعطي انطباعاً بالهزيمة، ويعجل بحسم نتائج المعركة لصالحه.
الإخفاق الإسرائيلي في الميدان دفع قادته للبحث عن انتصار يذر الرماد في العيون، ففتح جبهة الشمال، وعلى الرغم من تفوقه الاستخباراتي واغتيال قيادات المقاومة اللبنانية، إلا أن الاحتلال أخفق مرة أخرى كما في أخفق في غزة، في تحقيق هدف حربه المعلن، وهو إزاحة المقاومة اللبنانية إلى شمال نهر الليطاني، بل أنه أخفق في أي توغل بري حتى اليوم.
وفي هذا السعي المحموم للبحث عن انتصار، قام الإعلام الصهيوني بفبركة تصريحات مزيفة عن قادة المقاومة، وكان آخرها تصريح الشيخ نعيم قاسم في خطابه الأخير بطلبه “وقف إطلاق النار بدون شروط”، وهذا يدل على مطلب يائس في مضمونه يعطي استنتاج بالهزيمة.
كما تقوم الصحف الغربية التي يعمل فيها عملاء لوكالة المخابرات الأمريكية، وبعض المحطات الفضائية الناطقة باللغة العربية، والصفحات الالكترونية الممولة غربياً بنشر أخبار مزيفة ومضللة نقلاً عن مصادر مجهولة، حيث تردد جميعها الخبر نفسه عن ضعف المقاومة في الميدان، وأنها فقدت قوتها الصاروخية ما يعزز في النفس الصورة الضعيفة للمقاومة.
هذه الإشاعات والانتصارات الزائفة برأي العدو قد تؤثر بشكل مباشر على مواقف المواطنين السياسية، وقد ينحاز البعض لطرف معين بناءً على معلومات غير صحيحة، ما يخلق تيارات متباينة في الرأي العام، ويعطل الوصول إلى توافق وطني تجاه العدوان.
في الواقع، إن جيش الاحتلال الصهيوني حتى الآن لم يحقق أي هدف له في الجبهة الشمالية منذ أن اتخذ قرار الغزو البري للبنان، ولم يتقدم خطوة واحدة داخل الأراضي اللبنانية، بل كل ما فعله هو صناعة انتصار زائف عبر الإعلام من خلال التقاط صور تشير على توغله في بقعة لبنانية يمكث فيها أقل من ساعة ثم يولي الأدبار وفي ذاكرته تجول مجزرة وادي الحجير عام 2006.
لقد استعادت المقاومة الوطنية اللبنانية زمام المبادرة، وحافظت على قدرتها في القيادة والسيطرة بعد عدة ضربات موجعة. واليوم بدأت أخبار الميدان تنهى إلى المسامع لتؤكد عدم ضعف المقاومة كما يدعي الإعلام الصهيوني وفروعه العربية، وأنها لا تزال تمسك بالأرض بقوة كبيرة جداً وتتمتع بكفاءة قتالية عالية وأن لديها قدرات عسكرية لم يستعمل إلا جزءاً منها.
وفي هذا الوقت تفرض المقاومة اللبنانية معادلة جديدة في الميدان، حيث انتقلت من معادلة المدنيين بالمدنيين إلى معادلة “إيلام العدو” لرسم خطوط حمراء بالصواريخ والمسيرات التي اخترقت أنظمة الدفاع الجوي الصهيوني المتطورة، لتؤكد أن المقاومة بصمودها وثباتها ترسم ملامح مرحلة جديدة على طريق الانتصار وزوال الكيان.