مع اقتراب موعد زراعته.. الشوندر السكري يتخبط بالقرارات واقتراحات لا تتعدى “الكلام”!
دمشق – نجوة عيدة
أيام قليلة تفصل المزارع عن الموعد “الافتراضي” لزراعة الشوندر السكري وهو بداية الشهر القادم، هذا المحصول الذي تؤثر زراعته على عدد كبير من الفلاحين، غير أن الضربات العديدة التي وجّهت له قصمت ظهر الكثيرين ممن أجبرتهم “الخيبات” على وأد فكرة الزراعة بشكل شبه نهائي. فبعد أن كانت المساحة المزروعة منه في القطر قبل الحرب تزيد عن 26 ألف هكتار بإنتاجية فاقت المليون و800 ألف طن، تراجعت في الـ2017 وهو عام انطفاء الرغبة، إلى 510 هكتارات بإنتاجية 17838 طناً، وكانت حصة سهل الغاب من المساحة المزروعة آنذاك 509 هكتارات بإنتاجية 17808 أطنان، حيث بلغت خسارة السهل حينها 10 مليارات ليرة، لتنتهي زراعته بشكل نهائي بين عامي 2019 و2020.
“الحق” على الفلاح
مدير مؤسّسة السكر في وزارة الصناعة المهندس عبد الحميد جنيد أوضح لـ”البعث” أن وزارة الزراعة هي المسؤولة عن وضع الخطط الزراعية لمحصول الشوندر، ودور معمل السكر حالياً لا يتعدى التعاون بالإشراف. وعزا جنيد قرار إيقاف زراعة الشوندر لموسمي 2023-2024 المتخذ من قبل اللجنة الاقتصادية في رئاسة مجلس الوزراء، إلى عدم التزام الفلاحين بالخطة الزراعية الموضوعة بعام 2021 والتي كانت كافية لتشغيل معمل سكر تل سلحب، ما أدى لإلحاق خسارة كبيرة اقتصادياً وصناعياً وعرقل دورة التشغيل، وبالتالي تمّ إيقاف مشاريع التأهيل والتحديث، إضافة لعدم رصد الاعتمادات المالية لإجراء الصيانات اللازمة ومشاريع الاستبدال والتجديد، ومع ذلك فإن كوادر المعمل قامت بإجراء الصيانات الميكانيكية والكهربائية وإعادة جهوزيته بالكامل وتوفير 20 ملياراً على “جيبة” الحكومة، بالتوازي تمّ رصد المبلغ ذاته في الخطة الاستثمارية لعام 2025 وبالتالي فإن المعمل سيكون جاهزاً عند زراعة الشوندر للعام القادم وما يليه.
اختلاف على الأهم
وبيّن جنيد أن أهم الإجراءات اللازمة لدعم الفلاحين، وخاصة في منطقة الغاب، هي تأمين البذار الجيد الذي يعطي مردودية جيدة وتأمين السماد والمحروقات، وتسعير المحصول بأسعار مناسبة تمكّن الفلاح من تحقيق الربح..
هذه الاقتراحات تقاسمها المدير مع الدكتور المهندس بسام إبراهيم السيد الخبير بالشأن الزراعي الذي لم يبدِ تفاؤله نهائياً عند حديثه لـ “البعث”، واعتبر أن كلّ ما يقال عن الشوندر لا يتعدى الأحاديث، في وقت أكد أن إنعاشه فعلاً يحتاج لوضع سعر يقبله المزارع وتأمين البطاقات التي تساعد في قلع المحصول دفعة واحدة وليس على فترات، إضافة لقيام معمل السكر بدفع أجور النقل للجرار مع كامل المستلزمات، وفيما يتعلّق بالبذار المستوردة يجب أن تكون نسبة السكر فيها مرتفعة جداً أسوة بدول العالم المنتجة للبذار المحسن فإن نسبة السكر تصل إلى 25%، أما نحن فلم نتجاوز 13% والفلاح دائماً يسأل هل السبب من البذار أم من القائمين على عمليات الاستيراد. وأفاد السيد أن الشوندر محصول أساسي في الدورة الزراعية ويحقق زيادة في إنتاجية الحبوب التي تزرع بعده وتقدّر بـ20%، فبعد أن كان إنتاج القمح بالنسبة للفلاح مستقر بحدود 400 كيلو ونتيجة الزراعة المتكررة بالمحصول نفسه تراجعت زراعته لما دون 300 كيلو على مستوى سورية، وإن كانت النيّة حقيقية لاستنهاض همّة المزارع وإنبات أرضه وتغطية الحاجة المحلية من السكر، اقترح السيد إعادة العملية الإنتاجية لمعامل السكر لما قبل التسعين، أي قبل انتقال زراعة الشوندر إلى كنف “الزراعة”، في هذه الحالة فقط يلغى كيل الاتهامات ما بين وزارتي الصناعة والزراعة، فمن المفترض على الصناعة أن تتولى كامل العمليات الإنتاجية من خلال معمل السكر.
مسؤولية الجميع
بدوره بيّن الخبير الزراعي عبد الرحمن قرنفلة أن إعادة زراعة محصول الشوندر إلى سكته يحتاج حزمة من الإجراءات تتعلق بأولويات الخطة الزراعية، ومدى توفر الموارد المائية وجاهزية مصانع السكر، ودرجة التنسيق بين الأطراف المسؤولة عن التعامل مع هذا المحصول، بدءاً من التخطيط للزراعة مروراً بتأمين مستلزمات الإنتاج من بذار وأسمدة ومحروقات ولزوم جرارات، ثم عمليات تنظيم استلام المحصول ومنح المزارعين أسعاراً مجزية، وكذلك التنسيق مع المؤسّسات المعنية والمستفيدة من النواتج الثانوية للعمليات التصنيعية واستخلاص السكر. وقال قرنفلة: إن تجاوز أسباب الإخفاقات السابقة ووضع خطط تنفيذية وبدائل لها ودعم المزارع وتأمين مستلزمات عمله ومنحه القروض اللازمة للتشغيل، وتسديد قيمة المحصول المستلم بأسرع وقت، سوف تساهم بإعادة زراعة محصول الشوندر السكري، عدا ذلك فإن كلّ ما يقال هو كلام وحبر على الورق والخاسر الأكبر والوحيد هو دائماً الفلاح.