استشهاد القادة والراية المرفوعة أبداً!!
علي اليوسف
في أدبيات العمل المقاوم، لا يعدّ استشهاد أحد القادة نصراً، بل على العكس حافزاً على المضي بالقتال. واليوم في غزة. وبغضّ النظر عن نتيجة الحرب، فقد توسّع الصراع بشكل كبير خلال الأشهر القليلة الماضية، بما في ذلك إشعال حرب جديدة في لبنان وتصعيد التوترات مع إيران، ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت المنطقة تسير باتجاه وقف دورة الدم التي أشعلها رئيس وزراء الكيان الصهيوني نتنياهو بدعم مطلق من إدارة بايدن، إذ مع كل يوم ترتفع إرهاصات حرب إقليمية واسعة ويتعقد الموقف!
هذا الاهتزاز في المنطقة لن يكون كما يحب قادة الحرب الأمريكيون والإسرائيليون الترويج له، بل سيكون عبئاً ثقيلاً على الولايات المتحدة، فالقضية المحورية اليوم أن الشعب الفلسطيني حوّل الحلم إلى معركة أبدية، وأعاد حقّه إلى واجهة الأحداث العالمية، بعد أن كان هناك من يعمل على تحويل فلسطين إلى ذاكرة ممزقة وخرائط منسية على طاولات الساسة. وعملية “طوفان الأقصى” لم تكن فورة عابرة زمانياً ومكانياً، بل كانت نتيجة حتمية لما عاشه الفلسطينيون بين النار والرماد، والإدراك أن الحياة في ظلّ الاحتلال لا تعني إلا السجن الدائم. لذلك منذ رمي أول حجر على المحتل، كانت الحجارة هي الكلمات الأولى لإيقاظ العالم الذي وقف صامتاً أمام جرح فلسطين بأن الحرية ليست مجرد حقّ مسلوب، بل فكرة تولد من الألم، ولهذا لم تكن المقاومة مجرد نضال عابر، بل قدر حمله الشعب الفلسطيني، ورفض التخلي عنها، ورفض تحويل القضية الفلسطينية إلى تفاوضٍ لهواجس مسكونة في ضميره، أهمها: هل يفاوض المرء على حقه؟
هذه السردية يدركها الكيان الصهيوني، لذلك أكثر ما يخشاه هو صمود الفلسطينيين؛ ومن هذا المنطق ليست المقاومة مجرد سلاح، بل هي حُبّ وتعلق بالأرض، هي إرادة البقاء رغم أنف الحصار والعدوان. وما دام هناك شهداء رحلوا وعبّدوا درب الحرية بدمائهم، فلن تهدر المقاومة تضحياتها في حسابات الساسة وألاعيب الدبلوماسية.
إذاً لا يعني استشهاد قادة المقاومة فقدان السيطرة، فالمقاومة مشروع وليست أشخاصاً أو مجرد انتقال للسلطة، بل هي استمرار لمقاومة بدأت بالحجر واستمرت بالبندقية، فلا ريح تستطيع أن تقتلع شعباً قرر أن يحيا، كما أن المقاومة ليست عبثاً، وليست مجرد رصاصة تطلق، بل هي حياة معركتها طويلة، وطريقها شاق، فالشعوب التي ترفض الاستسلام تصنع معجزاتها بأيديها.
فهل يعتقد الرئيس الأمريكي وإدارته أنه باغتيال قادة المقاومة ستحلّ أزمة نتنياهو وينتهي مفعول المقاومة؟ هي مجرد أضغاث أحلام، فالعمل المقاوم هو حق مشروع كفلته المواثيق الدولية، وشرعنته بقرارات وجلسات أممية، وحتى إذا سقط القادة فلن تسقط الراية، وستصبح جسراً يعبره جيلٌ أقوى يولد من الرماد، لأن الوطن ليس حكاية تروى، بل حقيقة تعاش، ولنا في السنوار ونصر الله مثال على شهادة القادة التي تبقي الراية مرفوعة إلى الأبد!!