مزارعو الزيتون يشتكون اختلاف “قطعيّة الزيت” بين معصرة وأخرى ويطالبون بتشديد الرقابة
طرطوس- دارين حسن
اشتكى بعض المزارعين من اختلاف قطعيّة الزيت بين معصرة وأخرى، وأكد العديد منهم أنه أخذوا نوعية وكمية الزيتون نفسها إلى معصرتين، وكانت النتيجة تفاوتاً في نسبة الزيت المستخرج بينهما، مطالبين بتشديد الرقابة على عمل المعاصر التي يتلاعب أصحابها بكد وجهد وتعب المزارع طيلة عام!.
جولة ميدانية
وفي جولة “البعث” على بعض معاصر المحافظة، التقت المزارعين وأصحاب المعاصر، إذ أجمع المزارعون على أن إنتاج هذا العام متوسط، في حين كان العام الماضي ضعيفاً وما سبقه كان حمل الزيتون ممتازاً، حيث أوضح المزارع عبد الرحمن أنه يأتي إلى المعصرة وبحوزته عشر تنكات زيتون، ما يعادل ١٥٠ كيلو، وباعتبار أن الزيتون دليل يفترض أن تكون القطعية ممتازة في حال كان عمل المعصرة جيداً، مشيراً إلى أن قطعيّة الزيت تختلف من معصرة إلى أخرى، وأنه يتقاضى أجراً مقابل التمز الذي يبيعه لصاحب المعصرة.
وبدوره، لفت المزارع محمد صالح إلى اعتنائه الكبير بأشجار الزيتون لديه من حراثة وتسميد ورشوش، فهو لديه ٢٢ دونماً فيها ٤٠٠ شجرة زيتون، ٥٠ منها غير مثمرة، وبحسب قوله، فهو يحضر إلى المعصرة ما بين ٣٥٠ – ٤٠٠ كيلو زيتون، مشيراً بدوره إلى تفاوت قطعيّة الزيت بين معصرة وأخرى حتى للنوعية والكمية نفسها، مؤكداً ذلك من خلال تجربته الشخصية عندما أخذ ٣٨٠ كيلو زيتون أي ما يعادل ٢٩ تنكة أنتجت ٣٩ رطلاً من الزيت، بينما في معصرة أخرى بكمية الزيتون نفسها كان الفرق أربعة أرطال زيت!.
كما أشار المزارع إلى نوع آخر من الغش والتلاعب يمارسه أصحاب المعاصر، حيث إن قشاط الآلة له عيار محدّد، فعند تواجد صاحب الرزق يعمل بشكل سليم، لكن ما إن يغادر المعصرة خمس دقائق حتى يبدأ الزيتون يتساقط خارج القشاط، معتبراً أنه خلل قد يكون مقصوداً، أو غير مقصود، داعياً إلى تشديد الرقابة على عمل المعاصر من خلال اللجان الرقابية، على ألا تكتفي بزيارة المعصرة وأخذ ما تيسّر من الزيت وانتهى الأمر!، معرباً عن أسفه بأن هذا ما يحصل لدى أغلبية المعاصر، منوهاً بضرورة فحص “التمز” وتحديد نسب الزيت به، كذلك فحص آلات ومعدات المعاصر والإشراف الحقيقي على آلية العمل، متسائلاً: ما المانع من وجود عنصر رقابي في كل معصرة على مدار اليوم يراقب آلية العمل بما يحدّ من جشع أصحاب المعاصر، ويكافئ تعب وجهد المزارع ويحقق رضاه؟.
صعوبات أخرى
على هامش الحديث عن هموم عصر الزيتون، تحدث بعض المزارعين عن معاناتهم خلال الموسم، منها صعوبة الحصول على السماد الذي يحتاج إلى معاملة “طويلة وعريضة” تكلّف أكثر من الفرق بين السعر بالمصرف الزراعي والسوق الحرة، كما اشتكوا من معاناة الحصول على مازوت الحراثة، حيث يُطلب منهم ثبوتيات عديدة للحصول على بيان قيد وبيان مساحة ليمنح المازوت لزوم الحراثة، عدا عن تعب الفلاح، إضافة إلى ارتفاع أجور اليد العاملة التي وصلت إلى مئة ألف ليرة باليوم، وأن ٦٠% من اليد العاملة غير متوفرة، مشيرين إلى أن سعر بيدون الزيت حالياً لا يوازي تكاليف إنتاجه، وأن الزيت المنتج في المنطقة لا يغطي الحاجة، مستهجنين قرار تصديره!.
كما تطرق المزارعون إلى عدم فعالية الأدوية الزراعية وتكاليفها المرتفعة جداً، إذ بيّنوا أن تكلفة رش الشجر يصل إلى أكثر من مليون ليرة بين أدوية وبينزين، وذلك لمكافحة ذبابة شجرة الزيتون، إذ إن سعر الليتر من الدواء يصل إلى ٣٠٠ ألف ليرة، ما ينعكس سلباً على جودة الثمار وكمية الإنتاج، ويكبّد خسائر كبيرة للمزارعين الذين يعتاشون على الموسم وينتظرونه من عام إلى آخر.
وناشد المزارعون الجهات المعنية بإيلاء شجرة الزيتون اهتماماً كبيراً بدءاً من الأرض وانتهاء بالمعصرة.
أصحاب المعاصر
أصحاب المعاصر أكدوا أن إنتاج الزيتون لهذا الموسم أفضل من سابقه، حيث بيّن حيدر عمران استعداد وتجهيز المعصرة قبل أسبوع من موعد استقبال إنتاج المزارعين الذين يتمّ تحديد موعد لهم لعصر زيتونهم، مشيراً إلى أنه يستقبل يومياً عشرة أطنان من الزيتون من عدة مزارعين، وأنه رغم أن الزيتون قليل هذا العام إلا أن قطعية الزيت ممتازة، إذ إن تنكة زيتون ١٣ كيلو زيتون تعطي بين 2-3 ونصف كيلو زيت.
وأشار عمران إلى أن “التمز” الناتج عن العصر يدفع ثمنه للمزارع، حيث يصل سعر الكيلو إلى ١٢٥٠ ليرة يتمّ بيعه لأصحاب معامل خاصة به، كما أشار إلى صعوبة إقناع بعض المزارعين بفوائد رش ماء الجفت على الأشجار، مطالباً الوحدات الإرشادية بتكثيف التوعية بهذا المجال، إذ يتمّ أخذ ماء الجفت على حساب المعصرة إلى أراضي المزارعين الراغبين، مبيناً أن سعر بيدون الزيت يتراوح بين المليون ومئة ألف إلى مليون وأربعمئة ألف ليرة، وأن المزارعين احتفظوا بزيتهم بعد أن سمعوا بقرار التصدير.
وبيّن حسين العلي صاحب معصرة، أن بعض المزارعين بدؤوا جني محصولهم وبعضهم الآخر لم يبدأ بعد، منتظرين الأمطار بعد فترة حرّ سادت المنطقة، ونتيجة انتهاء كميات الزيت من بيوتهم والحاجة الماسة لتلك المادة الرئيسية يأتي مزارعون بكميات قليلة لعصرها تتراوح بين ٤٠ – ٢٠٠ كيلو، موضحاً أن قطعيّة الزيت جيدة، إذ إن كل تنكة زيتون تعطي رطلاً إلى رطل ونصف من الزيت، حسب نوع الزيتون والأرض والتربة واهتمام المزارع بأرضه، وأن أجرة عصر كيلو الزيتون ٧٠٠ ليرة إن أتى المزارع بإنتاجه وأخذه زيتاً، في حين أن أجرة عصر الكيلو ٩٥٠ ليرة إن جلبنا نحن أصحاب المعاصر الزيتون إلى المعصرة وأعدناه زيتاً للمزارع، وقد نأخذ نسبة زيت تتراوح بين ٥- ٦% بالاتفاق مع المزارع.
وعن “التمز” الناتج عن عملية عصر الزيتون، بيّن صاحب المعصرة أنه يعالج بطريقة معينة ويصبّ بقوالب ويباع لمواطنين اقتنوا مدافئ خاصة بالعرجوم كونه أرخص من الحطب والمازوت، مطالباً بمنح أصحاب المعاصر كميات كافية من المازوت، ولاسيما أنهم منحوا ٥٠٠ ليتر تكفي أسبوع عمل فقط، ويتمّ تأمين الكميات اللازمة بالسعر الحر، إذ يتراوح سعر بيدون المازوت ٢٠ ليتراً بين ٣٥٠ – ٤٠٠ ألف ليرة.
يوجد سرقة
من جهته، عزا عضو المكتب التنفيذي المختص بمجلس المحافظة سمير علي، اختلاف قطعية الزيت بين معصرة وأخرى إلى عوامل عدة، أبرزها نوع المكابس إن كانت طرداً مركزياً أو مكابس قديمة، كما أن بلد المنشأ يلعب دوراً بين الإيطالي والإلماني وسنة صنعها أيضاً، إضافة إلى طبيعة الأرض ودرجة استواء الزيتون ونوعيته.
ولم يخفِ علي سرقة بعض أصحاب المعاصر للزيت الناتج، مشيراً إلى أن اللجان المختصة في المحافظة تقوم بمعالجة أي شكوى عندما ترد، كما يقوم عناصر التموين بتحليل العينات ونسبة الزيت بها، وتقوم بسحب الترخيص والإغلاق حسب نوع المخالفة، مشيراً إلى وجود ١٩٥ معصرة عاملة ومن الصعب مراقبتها بشكل يومي ودائم.
وبيّن العضو المختص أن حصة المحافظة من مازوت المعاصر ٢٤ ألف ليتر بالسعر المدعوم (8 آلاف ليرة لليتر)، حيث تمّ منح المعاصر دفعة أولى من المازوت ٥٠٠ ليتر لتقلع بالعمل، ثم يتمّ منحها وفقاً للإنتاج بعد أن يصرّح صاحب المعصرة عن العمل.