ثقافةصحيفة البعث

الفريق السوري يحصد لقب “تحدي القراءة” و”المشرف المتميز”

دبي – غالية خوجة

نال فريق سورية لقب بطل “تحدي القراءة العربي” في نهائيات مسابقة التحدي، من خلال الطالب حاتم محمد جاسم التركاوي، مع وكادي بنت مسفر من السعودية وسلسبيل حسن من فلسطين، كما حصل الفريق السوري على لقب المشرف المتميز ونالها ربيع أحمد.

وقبيل الإعلان عن النتيجة، وعند دخولي فندق “هوليداي إيْن فستيفال” تساءلت: هل يحتفل أطفال “تحدي القراءة العربي” بدبي، أم دبي تحتفل بأطفال “تحدي القراءة العربي”؟، لأنضمّ إلى مشهد حيوي تشكّلتْ لوحاته من وفود الأطفال والطلاب في قاعة الاستقبال، وهم يستعدون لبرامج ينظمها فريق “تحدي القراءة العربي”، وأرى كيف يبثّ الأطفال والطلاب السوريون الطاقة، وكيف كان الدكتور محمد الحوراني رئيس اتحاد الكتّاب العرب، وعلي العباس المنسق العام لمسابقة تحدي القراءة بسورية، منهمكين مع الفريق والجيل الجديد المفعم بمحبة اللغة العربية وهويته وانتمائه الحضاري.

والمميز أن أطفالنا المشاركين يمنحون الثقة للمستقبل ليعبر بيقين ومحبة وسلام، فينظر الزمان إلى أعماقهم مبتسماً، مطمئناً، ويترك للعالم أن يرى ما يراه من وعي وسرعة بديهة وسلامة نطق وسلاسة أداء وفصاحة إجابة، تنافس وبتحدّ جميل في الدورة الثامنة من “مبادرة تحدي القراءة العربي”.

وضمن هذه الأجواء المزدحمة بوفود وجاليات عربية أخرى، استطعنا اختطاف الوقت والتقينا بوفدنا العربي السوري، الذي يتحدى القراءة، وما وراءها من قراءات تأملية ورؤيوية وفكرية، بالإضافة إلى الظروف التي مرّت وتمرّ فيها سوريتنا الحبيبة، مؤكدين أن أجمل عقول البناء تلك التي تزهر متحدية جهل الخراب.

عن هذا التفاعل، أخبرنا الدكتور محمد الحوراني، رئيس اتحاد الكتّاب العرب في سورية: الملفت في المشاركات أن معظم الطلاب المتميزين الحاصلين على مراكز متقدمة حتى بين الجاليات العربية في الدول غير العربية هم أبناء الجالية السورية، كما في البرازيل وفنلندا والسويد وغيرها، أيضاً، هناك مستوى متميز للطلاب السوريين الذين أتوا من سورية إلى الإمارات للمشاركة، منها تميزهم بقدرتهم على المناقشة والإلقاء والتمكن من اللغة العربية، وكان لهم حضورهم في كل الجولات التي قمنا بها هنا، ردّدوا النشيد الوطني السوري، ونشيد موطني، وهو ما جعل بقية الأطفال والطلاب المشاركين والوفود أن تلتفت لهذا الانتماء المتجذر فيهم على الرغم من سنوات الحرب الطويلة، لدرجة أن بعض الوفود تساءلت: هل أطفالنا جاؤوا من سورية أم لا؟! مستغربين أنهم أبناء الحرب التي حدثت في سورية، وهذا الحضور والتميز يفرضان على المؤسسات الثقافية والمعنية بالطفولة في سورية اهتماماً كبيراً يليق بهذا التألق، ويجعلنا نفكر باقتراح إنشاء أكاديمية لرعاية الموهوبين المبدعين المتميزين في كافة المحافظات، لا سيما وأن سورية اليوم مؤهلة لإحراز المزيد من المراكز المتقدمة على مستوى الوطن العربي والعالم في هذه المبادرة، خصوصاً، في فئة المرحلة العمرية الأصغر ووصولاً إلى العشر سنوات، كما أنها مرشحة لإحراز مركز متقدم على مستوى المشرفين على الأطفال.

ورأى علي العباس، المنسق العام لتحدي القراءة العربي بسورية، أن الطفل العربي يتمتع بإبداع فطري، وأن الطفل السوري متميز وسيظل متميزاً، ويثق بقدراته، ومؤهل لمزيد من التعلّم والقراءة والمعرفة والعمل، وأطفال وطلاب وفدنا السوري يمتلك الطاقة الاستثنائية التي تحدّت مختلف الظروف الصعبة، وها هي تتحدى في هذه المبادرة بشجاعة وثقة وسعادة وإحساس عالٍ بالمشاركة والإنجاز والتفاؤل.

ببراءة واثقة بنفسها ووعيها والعلم والمعرفة، جاءت إجاباتهم معبّرة عن المشاركة في التحدي وأهدافهم وما يريدونه، وهذا ما أكده الطفل يوسف الإبراهيم، من ذوي الهمم: “أشبّه تجربتي في التحدي كالرحلة من الجهل إلى المعرفة، وهي الطريق الذي على الإنسان أن يسلكه من أجل التعرف إلى نفسه، فيمرّ بمراحل، وكلما تجاوز مرحلة تجلت له مرحلة أخرى، وصولاً إلى مقام الحكمة الذي على كل إنسان أن يصل إليه، وإن شاء الله سنتوج باللقب”.

بينما قالت حنين شوكت رحال: “نلت المركز الثالث في بلدي سورية فئة ذوي الهمم، كنت قارئة مبتدئة، لكن، مع التحدي تغيرت شخصيتي كثيراً، وتطورت أفكاري، وصرت أصحح المفاهيم، وأدرك المعاني، ورأيت أنه لا يوجد إنسان كامل في هذا العالم، والإنسان بحاجة إلى تحديه لهذه الحياة والتغلب على الصعاب، ولغة الضاد هويتي التي أفتخر بها، ومن بعض أحلامي أن أدرس الهندسة الطبية لأساعد كل شخص يعاني من مشكلتي ذاتها”.

وبدوره، أجابني حمزة محمود دقاق، من ذوي الهمم: “المشاركة في هذه المبادرة تعني لي الكثير، لأنها ساعدتني في أمور كثيرة، أكثرها أهمية أنها أنارت قلبي قبل بصري، وأزادتني شكراً لله، لأن نور العلم يستمر حتى لو لم يستمر نور البصر أو وجود الإنسان، وليس هدفي المركز، بل لأثبت أني إنسان فاضت عليه نعم الله، وأكرمه في كل الحالات”.

وعن مشاركتها، حدثتنا ماريانا أيهم إسماعيل: “عندما قررت المشاركة في هذا التحدي، كنت أدرك تماماً أنها ليست متعلقة بالمراكز والفوز، وإنما هي محطة في رحلة طويلة لتحقيق رسالتي التي أؤمن بها وخلقتُ من أجلها، وبلا شك، هذه المحطة علمتني الكثير، وكانت سبباً رئيسياً في نقلتي إلى عالم آخر من الوعي، لقد زرت الكثير من البلدان، وتعرفت على الكثير من الثقافات بين دفتيّ الكتاب، وبين صفحة وأخرى أزداد شغفاً بهذا الصديق الذي يرافقني في كل لحظات حياتي بجمالها وبؤسها وفرحها وحزنها، وأتوقع من هذه المشاركة أن تكون سبيلاً لتحقيق حلمي في أن أكون المهندسة المعمارية الأولى في العالم، بالإضافة إلى مساعدة الناس، خصوصاً، الفقراء، لتحقيق أحلامهم، وأنا هنا لأمثل صوت كل طفل عربي يعيش ليحقق المزيد من الأهداف والأمنيات ويرفع مجد أمتنا العربية.

وبدورها، قالت شهد عبد الرزاق: “التحدي من أكبر المبادرات التي تحتضنها دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، وكل عام يضاف لهذه المبادرة الجديد، وهو إضافة جميلة، مثل منافسة ذوي الهمم، لأن العدل واجب، وسعيدة بهذا العدل، وسعيدة ليس لأن المكان جميل فقط، بل التحدي جميل سواء نجحت أم لا، لأن من يشارك من أجل القراءة يستفيد، والرحلة مفيدة، وأن أكون ضمن ملايين المشاركين فهذا جميل، والجميل أن هذا الجيل لا نخشى عليه لأنه جيل قارئ.

وبسؤاله عن طموح المشارك سامر زلق، أجاب: “أحاول ترك الأبواب مفتوحة أمامي ومواكبة متطلبات العصر وفق أيديولوجية الاختيار وأتجه إلى التكنولوجيا لأنها لغة العصر، وأتوقع توظيف لغتنا العربية بفعالية أكبر في البرامج، فمثلاً، هناك مشكلات مع اللغة العربية في ترجمة الذكاء الاصطناعي، ومحركات البحث، لأن اللغة العربية قوية وتكوينها معقد وخاص، ومحركات البحث والذكاء الاصطناعي أمامها ضعيفة”.

نايا عمار حميدان: “بدايةً، نرسل للجميع ياسمين شامنا وأمواج لاذقيتنا سلاماً معطراً خالصاً، واسمي ليس معزوفة الناي الحزينة، لأن الألف المضافة تُظهر فتاة من اللاذقية لا يعرف الحزن طريقاً إلى قلبها ما دامت تقرأ وتكتب وترسم، وهنا، تقابلنا مع الجمال والحداثة والتطور، وكل ذلك اختصره اسم الإمارات التي أول ما وصلنا إليها قدمنا الزمن ساعة واحدة، لكننا سافرنا بأرواحنا لآلاف السنين”.

وأخبرتنا فرح الحيدر: “هذه مشاركتي الثالثة، والشخص الذي يتوقف عن المحاولة هو شخص يتوقف عن الحياة، والتحدي يعني لي بعث الإرادة والعزيمة، والاستهانة بالمستحيل، ورفع شعلة العلم والمعرفة، لأن القراءة تنقل الإنسان من حضيض نفسه إلى أوج عقله، وتبني بين الناس الجسور، وأشعر بالفخر والسعادة لأنني وصلت إلى هذا المقام بمساعدة جدي ووالدي”.