استعجال صهيو – أمريكي لفرض الشروط
بشار محي الدين المحمد
بعد أن لجأ العدو الصهيو – أمريكي لاستراتيجية أمنية عسكرية استخدمها سابقاً في غزة، يعود اليوم للأسلوب ذاته في لبنان، ظناً منه أن “الحدث المزلزل” يمكنه أن يصنع “انهياراً” في صفوف المقاومة، يمكنه من “الحسم” عبر ضعضعة القيادة والسيطرة ميدانياً أم معنوياً. لكن حتى تاريخه، لم يتحقق ذلك فعلياً، لا هنا ولا هناك، بل المفاجأة كمنت في الترميم السريع واستعادة المبادرة ميدانياً من المقاومة، سواء في غزة، أم في لبنان، إذ بدأنا نلمس تطوراً نوعياً في ضربات المقاومة التي تجاوزت عمق ٧٠ كم في الأرض المحتلة، واستخداماً للمسيرات عبر تنسيق استخباري دقيق التوقيت لإيقاع أكبر قدر من الخسائر، واستهداف منزل نتنياهو كرديف لمعادلة “بناء مدني ببناء مدني”، فضلاً عن أهداف أخرى لم يُعلن عنها نظراً لرقابة جيش حرب العدو.
فالمقاومة استعادت زمام المبادرة، حيث زاد عدد مهجّري المستوطنين “فعلياً” عن مليون ونصف المليون منذ بداية العدوان، فضلاً عن أكثر من 100 ألف مهجّر داخل الكيان، عدا عمّن يقضون جلّ نهارهم وليلهم في الملاجئ.
أما الحاضنة الشعبية التي يراهن نتنياهو على فصلها عن المقاومة عبر ضغطه عليها، فهي، وعلى الرغم من تقديمها الضحايا وتعرّضها للتهجير وخسارة الأموال كالمودع في “القرض الحسن”، تقول بأعلى الصوت: “لم نخسر ذهبنا لأنه مرابط على حدودنا للتصدّي لدبابات الميركافا”.
صحيح أن نتنياهو، ومن خلفه أمريكا، راهنا على خلق شرق أوسط جديد، لكن لا يحلم أحد أن هذا الشرق لن يكون دون مقاومة كما اشتهوا – إن استمرت هذه الحرب الغبية العمياء – بل سيكون بلا “إسرائيل”، ومن معها من داعمين ومطبلين مستعجلين لـ “نصر” لم، ولن، يتحقق، أو “انصياع” المقاومة لأي شروط يخطها ذلك المحور الإمبريالي عبر مبادراته الجائرة الرامية لتنصيب نتنياهو “ملكاً” يتحكم بكل مقاليد الشرق الأوسط، فهذا المشروع لم، ولن يتحقق، طالما أن المقاومة والعروبة موجودة، ومهما زاد جنونه وعدم اكتراثه بمصير أسراه، أو أعداد مهجريه وقتلاه، أو صيحات معارضيه، فهو سيكمل سيره نحو حلم يقظته هذا.
إن عقدة نتنياهو ستكمن عند جيش حربه الذي سبق وحشد ٧٠ ألفاً، والآن يزيد العدد نحو مئة ألف، وربما غداً 150 ألفاً. ولكن ماذا بعد؟ فزيادة الخسائر وتوقف هذا الجيش عن حربه وتقدمه المتعثر في الأرض اللبنانية هي ما ينتظره، فهل سيستعين نتنياهو بـ “الحريديم” الذين لا علاقة لهم بالجيش، أم بالمرتزقة الذين نفدت أعداد من شُحن منهم من أوروبا إلى الكيان ليدفن دون احتسابه أو حتى إعلام ذويه؟.
بعد كلّ هذا المشهد الواضح، عادت واشنطن لإرسال “وسطائها” و”مبعوثيها”. والسؤال هنا: لماذا ستستلم المقاومة بهذا التوقيت؟ فدرّة قادتها تمّ اغتيالها، وتدمير المنازل والبيوت حدث، والشهداء ارتقوا والجرحى وقعوا؟!
إن جواب المقاومة بالتأكيد لن يكون إلّا “لا”، ويقيناً أن التعثر الإسرائيلي العسكري هو من سيجبر الأمريكي المخادع على وقف إطلاق النار، وجرّ نتنياهو إلى جادة التفاوض، قبل أن يتورطا معاً في حرب شاملة.