دراساتصحيفة البعث

بريكس..  الحجر الذهبي الحقيقي

عائدة أسعد

اجتمع حوالي عشرين رئيس دولة وحكومة في قازان، روسيا، لحضور قمة البريكس التي استمرت ثلاثة أيام، والتي افتتحت يوم الثلاثاء. هذه هي القمة الأولى للمجموعة منذ قبولها رسمياً خمسة أعضاء جدد في الأول من كانون الثاني الماضي.

ومع تمثيل إجمالي عدد السكان والناتج المحلي الإجمالي لدول أعضاء البريكس بنسبة 46 في المائة، و28 في المائة من الإجمالي العالمي، فإن أي مناقشة تجريها القمة، أو أي بيان تصدره أو أي قرار تتخذه سيكون له تأثير على عالم محفوف بالصراعات والنزاعات والانقسامات والأزمات الاقتصادية.

لقد استخدم الخبير الاقتصادي البريطاني جيم أونيل مصطلح BRIC – بريك- (البرازيل وروسيا والهند والصين) لأول مرة في عام 2001 لوصف الاقتصادات الأربعة التي يمكنها، إذا حافظت على نموها، أن تهيمن على الاقتصاد العالمي بحلول عام 2050 وقد تقبل العالم بسهولة المصطلح الجديد والذي تم توسيعه ليشمل “S” عندما انضمت جنوب إفريقيا إلى المجموعة في عام 2011 ومع ذلك، عقدت القمة الأولى للمجموعة قبل ذلك بعامين، في عام 2009 ولا يزال اسم BRICS مستخدما للمجموعة حتى بعد انضمام خمسة أعضاء جدد.

ولكن هناك تساؤلات عما إذا كان الخبير الاقتصادي البريطاني قد استخدم مصطلح “بريك” كاستعارة لكلمة “الطوب” وهي مادة بناء طبيعية تستعمل في التشييد، وتدل على القوة وطول العمر، فقد استُخدم الطوب لآلاف السنين لبناء المنازل وغيرها من الهياكل، كما استُخدم الطوب كأسلحة وعلى الرغم من فائدته، فإن الطوب مصنوع في الغالب من الطين البسيط، ويمكن أيضاً صنعه من الخرسانة أو الطين الموسع، ورغم أن الطوب يعني عادةً الطوب المحروق، فهناك أيضاً طوب مجفف بالهواء أو بالشمس، والمعروف شعبياً باسم الطوب الطيني، والذي يعود تاريخه إلى ما قبل الطوب المحروق.

وقد تبنت الصين مجموعة البريكس تماماً كما تبنت الحضارات القديمة الطوب كمادة أساسية للبناء منذ آلاف السنين، وكان الحماس تجاه مجموعة البريكس كبيراً إلى الحد الذي دفع المترجمين إلى إضافة صفة “ذهبي” قبل ترجمة مصطلح البريكس إلى اللغة الصينية. ومنذ ذلك الحين، أصبح هذا المصطلح معروفاً بالصينية باسم “جين تشوان” أي (الطوب الذهبي)، وهو ما ينقل التمنيات الطيبة للمجموعة لخلق مستقبل أفضل للعالم.

لقد اجتمع رؤساء الدول والحكومات، فضلاً عن زعماء البلدان النامية غير الأعضاء المدعوة، والتي تمثل ما يقرب من نصف سكان العالم، في قازان لمناقشة كيفية تثبيت الاستقرار في التعافي الاقتصادي العالمي، ومواجهة الحمائية المتزايدة، والمساعدة في إحلال السلام في أوراسيا والشرق الأوسط.

 

واتهم الغرب بقيادة الولايات المتحدة الدول النامية، وخاصة الصين، بانتهاك قواعد النظام العالمي أو محاولة تدميره، ولكن تم تأسيس النظام العالمي القائم وقواعده من قبل نادي الدول الغنية والصناعية ليناسب مصالحها الخاصة، وهو ما يترك القليل من القول للدول النامية، والآمال معقودة على أن يجد الزعماء المجتمعون في قازان السبل للسماح لصوت العالم النامي أن يُسمع بصوت عالٍ وواضح في المنتديات الدولية، وإصلاح النظام العالمي القائم لجعله أكثر عدالة وتمثيلاً حقيقياً للدول النامية.

لقد عقد العديد من الزعماء محادثات ثنائية على هامش قمة البريكس، وهو ما قد يساعد في تعميق الثقة المتبادلة وتعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي فيما بينهم، كما أن تقديم الدفء المتبادل هو، بطريقة ما، الغرض من المجموعة والواقع أن رحلة المجموعة تظهر أن الدول الأعضاء كانت تفعل ذلك بالضبط منذ إنشاء البريكس.

مجموعة البريكس كانت تعمل على توسيع عضويتها، وربما تستمر في القيام بذلك بحذر، حيث تظهر أنها منصة مفتوحة مستعدة لاتخاذ التدابير اللازمة لتصبح أكثر تمثيلاً للعالم النامي. ومع تقدم أكثر من 30 دولة بطلبات الانضمام إلى مجموعة البريكس، فإن المجموعة تعد بجلب المزيد من الفوائد للدول الأعضاء، فضلاً عن بقية العالم، ومن المرجح أن تجتاز الاختبار الصعب لتصبح حجراً ذهبياً حقيقياً وهو رمز الثروة في الصين.