إيفا العباس تقدّم خلاصة تجربتها في “رؤى تشكيلية”
ملده شويكاني
“رؤى تشكيلية” عنوان مثير للبحث، فما هي الرؤى التي تود الفنانة التشكيلية إيفا العباس التعبير عنها في معرضها الذي حمل هذا العنوان، وأقيم في “صالة مشوار” بإدارة السيدة ميادة كليسلي، ضمن أيام التشكيل السوري؟.
من يتابع تجربة الفنانة إيفا العباس يلمح التطور بأسلوبها التجريدي واشتغالها على توظيف عناصر اللوحة بشكل متكامل بعيداً عن ملء مساحات اللون، إذ كان اللون دعامة أساسية للمضمون الذي تشابك فيه الهمّ الإنساني مع الطبيعة والعمارة والأشخاص والرموز ضمن عجينة هيمن عليها اللون الأزرق الذي تسرب إلى أغلب اللوحات، بمقابلة الأحمر الداكن.
فحملت لوحاتها التجريدية الكثير من القراءات والتأويلات، إلى جانب بعض لوحات الطبيعة بتعبيرية ممتزجة بشيء من التجريد.
إذ عبّرت في لوحة البحر وتلاطم الأمواج الهائجة بتدرجات اللون الأزرق وتناغمها مع إشارات السفن بلونها الأصفر دلالة على حالة القلق.
وتابعت ضمن المسار ذاته عن الرحيل بحركة الأشخاص وغيابهم في الطريق المعاكس، داعمة فكرتها باللون الأحمر الداكن وهياكل الأشخاص بلونها الأبيض.
وفي زاوية أخرى جسدت الحنين بإيقاع تعبيري، وتبقى لوحات الطبيعة ببيوتها الريفية بتشكيلاتها البسيطة على امتداد الأخضر الدال على الانتماء والتشبث بالأرض هي الأقرب إلى المتلقي، مستخدمة في معرضها ألوان الإكليريك على قماش وكانفس بقياسات متنوعة متوسطة وكبيرة.
وعن أهمية مشاركتها في أيام التشكيل السوري أوضحت العباس في حديثها مع “البعث” أن أيام التشكيل السوري فعالية سنوية مهمة تغني الحركة التشكيلية في سورية، وتعيد الأنشطة والندوات والمعارض واللقاءات روح الفن وتسلط الضوء على الجماليات سواء أكان في اللوحة أم الكلمة وغيرها من أدوات التعبير، وفيما يتعلق بمعرضي هذا فهو خلاصة تجربة أقدّم من خلالها رؤى وانطباعات ورسائل تعبيرية وتجريدية عدة في الأسلوب، مؤكدة البنى التشكيلية واللون كمحور أساس له الكثير من المدلولات التعبيرية والحسيّة، معبّرة عن هواجس في أعماقي مستفيدة من الواقع المعاش ومن الطبيعة من حجر وأزهار حتى الوجوه المحيطة، ومن الهمّ الإنساني الذي نعيشه من رحيل وهجرة، فكان البحر موضوعاً من موضوعاتي التي تناولتها بغية تجسيد حالة التوتر التي يشهدها عالمنا العربي مجسدة بتلاطم الأمواج”.
وتضيف العباس: “أما عن الحسّ المعماري فقد بدا جلياً في أعمالي، وهو نابع من تأثري وإعجابي بالبيئة التي نشأتُ بها وهي مدينتي السويداء، وما يميزها من آثار قديمة بأسلوبي المحمّل بالعاطفة والحنين لكل ما هو جميل”.
أما عن الجديد في هذا المعرض، فتقول العباس: “لابد من جديد لأنه مع بداية كل عمل يكون الفنان قد شكّل رؤى جديدة وموضوعاً جديداً وطرحاً جديداً بكل المقاييس وفقاً للحالة التي يعيشها وفي الوقت ذاته تطور أسلوبه، ومن خلال تجربتي الخاصة التي بدأت بعد انتهائي من دراستي بكلية الفنون الجميلة عام 1995 إلى اليوم تتطور اللغة التشكيلية، وفي معرضي هذا، أدخلتُ في أعمالي عنصر المرأة ممتزجاً بالطبيعة ومتحداً معها لما للحجر والمرأة من قواسم مشتركة بالصلابة وغيرها، فالمرأة هي الثبات والأساس في الأسرة وكذلك الحجر هو اللبنة الأساسية للبناء، بالإضافة إلى العنصر الزخرفي والشرقيات الممتزجة بالطبيعة الحيّة والطبيعة الصامتة”.