استفزاز
عبد الكريم النّاعم
بوجه مشحون بالغضب، قال:” أكاد أطقّ من الذين يستفزّوننا على صفحات التواصل”، أجابه: ” لم أفهم ما تعني”.
قال:” هناك أناس لا يكتبون إلاّ ما يثير اليأس، ونحن في معركة لا لَبْس فيها، فهم يصوّرون الأمور على أنّها منتهية لصالح الأعداء، فكيف لمجموعات فدائيّة، حتى وإنْ كانت بحجم المقاومة في لبنان، أن تنتصر على “إسرائيل”، وأمريكا، والأطلسي، والصامتين من حكّام العرب.. ليس هذا فحسب بل ثمّة تشكيك حتى في موقف الجمهورية الإيرانيّة، وتقرأ فتظنّ أن السماء ستنطبق عليك،.. أقرأ فاشعر بطعم المرار”.
أجابه:” الذين لا تُعجبك أقوالهم تستطيع أنّ تحذف أسماءهم من صفحتك”.
قال: لا أستطيع لأنّني أحبّ أن أطّلع على آراء الآخرين حتى وإنْ كانت استفزازيّة”.
أجابه:” هل رأيتَ مسألة مصيريّة يُجمِع عليها الناس؟ الأنبياء وهم رُسُل ربّ العالمين وُجد مَن يعارضهم، ومَن يُكذّبهم، بل وكان ثمّة منافقون في حياة الرسول الأعظم، وكان يعرفهم، وأعرض عنهم”.
قاطعه:” يا أخي، أنا لستُ رسولاً ليتّسع صدري حتى للخيانة التي تلبس لبوس وجهة النّظر، أو الرأي.
أجابه:” الذين ذكرتَ، بعضهم، وهم قلّة، لا يُدركون خطورة أقوالهم، وانعكاسها النفسي، وهم لا يرون ثمّة فائدة من المواجهة، وبعضهم أخذتْه عصبيّة حمقاء، إلى مواطن لا يُدرك إلى أين تودي به، فهو يريد أن يشفي غيظه، وإنْ كان في ذلك خراب بلاده، وهؤلاء، جعلوا من عصبياتهم “وطناً”، فأفكارهم هي الوطن، وليس الوطن عندهم الأرض، والتاريخ، والواقع، والمستقبل الذي لا بدّ أن يأتي على صورة ما، وهؤلاء صيد رخيص في يد المخابرات الغربيّة توظّف انفعالاتهم، وتزيِّن لهم أفكارهم، وتَعِدهم بالوقوف إلى جانبهم، وتمدّهم بالمال، وتوجّه مقولاتهم لصالح مآربها الخبيثة، فيندفعون أجَراء رخيصين، وثمّة مَن قد أجّرَ نفسه للموساد، ولدوائر الاستخبارات الغربيّة، وهم يُغدقون عليهم الأموال، بعضهم في الخارج، وبعضهم بين ظهرانينا، وهذا واقع قائم شئنا أم أبينا، وعلى الوطنيّين الشرفاء أن يفضحوا هؤلاء، لأنّ الجرثومة إذا لم تتصدّ لها الخلايا البيضاء في الجسم فستتزايد، وتتكاثر..
قاطعه:” أما من ذرّة من ذرات الوطنيّة تستيقظ في ضمائر هؤلاء، تصوّر أنّهم لا يرون إلاّ ما يفعله الصهاينة، وهم عميان عمّا سطّره المقاومون الأبطال من معارك، وانتصارات، تُعَدّ خارقة إذا ما قيست بما لدى العدو من إمكانات”.
أجابه: “أنت تطلب من السمّ أن يكون ترياقاً، إنّ الميدان النفسي واحد من أخطر الميادين التي يُحسَب حسابها، لأنّ الخَوَر حين يسيطر.. تحدث الهزيمة، أنا أعرف ما يقولون، يتحدّثون عن تدمير غزّة بشراً، وشجراً، وحجراً، وعن تجريف الجنوب، وتهجير سكانه، ولا يذكرون شيئاً عمّا تمّ تدميره في المستعمرات المحيطة بغزّة، والقريبة منها، ولا عن نزوح سكانها، ولا عن الشمال المحتلّ الذي أصبح فارغاً من المستوطنين، الذين يقيمون في الفنادق منذ ما يقرب من سنة، ولا يقرؤون ما تقوله صحف غربيّة عن خسائر العدو في الرجال، والمال، والمباني، والتي يفرض العدو حصاراً مشدَّداً عليها، لأنّها ستزيد في هزيمته النفسيّة.
الصهاينة يعتمدون على حكام أمريكا والغرب المتصهين بتعويض خسائرهم، ولعلّ ما خفي في هذه التعويضات هو أعظم، لا سيّما إذا تحقّقت توقّعات البعض من أنّ هذه التعويضات سيُرغمون آخرين على دفْعها.
يقولون .. ويقولون… ولكنْ .. قل لي ماذا يفعل إنسان وجد لصّاً وقد اقتحم بيته، وهو يهدّده بحياته، وعرضه، وماله، ماذا يفعل؟!! هل يستسلم؟!!
إنّ هؤلاء يدعوننا للاستسلام، وشعار الشرفاء ” هيهات منّا الذِلّة” مهما كانت النتائج، نحن نموت بشرف، ومَن ذكرت .. خدَم.. أجراء بعمْلة…
aaalnaem@gmail.com