عاطف حسن: مصالح الإنسان المنتج لأي فكر أولوية
طرطوس ـ هويدا محمد مصطفى
الغوص في علم التاريخ وفلسفة الوجود وصراع الأجيال يحتاج إلى دقة وهندسة استقراء الماضي والحاضر، هكذا هو المهندس عاطف حسن باحث وكاتب في قضايا عديدة استطاع من خلال مؤلفاته أن يقدم للقارئ مجموعة مفاهيم وقضايا فكرية وفلسفية ودينية ووطنية من خلال ربط تلك الأحداث والمفاهيم بصور حية من الواقع الممتد بين الماضي والحاضر.
وصدر للكاتب مؤلفات عدة نذكر منها “تأملات في الثقافة العربية” و”المسارات وآفاق الحل” و”من الأحداث في سورية ٢٠١١ـ٢٠١٢ وخلفياتها بين الماضي والحاضر” و”الإنسان من الانتماءات الضيقة إلى الدولة الحديثة.
وبسؤالنا عن تجربته في الكتابة والخوض في غمار الانتماء والسياسة وكيفية التعامل مع العقل الحاضر يقول: “الكتابة سر لازمني منذ صغري حيث كنت مولعاً بكتابة أشياء بسيطة، وكنت أنقشها بخجل في أواخر صفحات دفاتري، كبر السرّ في صدري حيث كان يتغذّى بالمطالعة وشغفي للكتب، استمر هذا الحال إلى أن بدأت الأحداث في سورية عام ٢٠١١، فكان وقعها عليّ كبيراً وصادماً، ما أجبر هذا السر أن يتجلّى بشكل علنيّ، ومن هنا كانت البدايات العلنية لكتبي اللاّحقة والتي حملتها رؤيتي لهذه الأحداث وللبنية الثقافية التي استندت عليها، معلناً من خلالها انتمائي لوطني وحقّه في الدفاع عن نفسه راجياً التقدم والازدهار لكلّ أبناء شعبه”.
وعن أكثر القضايا أهمية والتي حاول طرحها من خلال كتبه يتحدث حسن: “حاولت الإجابة عن السؤال الآتي: لماذا نحن متأخرون؟ وتطرقت في بداية الأمر إلى البنية الثقافية التي رسخها فهمنا الخاطئ لكثير من الأمور، وكيف وظفت عبر الأجيال المتلاحقة بشكل لا عقلاني، ما أدى إلى إنتاج بنيات ثقافية لا تتغذى إلا على التخلف والجهل على الرغم من وجود أفكار وأنوار جيدة جداً في الدين، لكن كل ذلك لم يستطع أن يحدث الفرق اللازم للتطوير والانتقال إلى مستويات أعلى الخلل الداخلي الذي صوبت سهام نقدي إليه، ولم يمنعني من رؤية الدور السلبي الذي لعبه الغرب في حياتنا بشكل عام، ما أدى إلى تكريس ما نحن عليه من انقسامات وضنك وضياع، والحل، فيما أعتقد، يكمن في بناء الدولة الحديثة القائمة على القوانين الوضعية البشرية والتي تتصف بمجموعة صفات، أكثرها أهمية العدالة والذكاء، وأن تتمتع ببنية عسكرية قوية وحديثة”.
وبالنسبة إلى العلاقة بين الفكر القديم والفكر الحديث وتأثيره على العالم فيوضح: “الفكر الحديث منبثق عن الحضارة الحديثة وميزته الأساسية أنه مرن وقوي ومخادع وذكي، أما الفكر القديم فهو نتاج مرحلة قديمة، وبالطبع له سمات خاصة فيه، لكنه بالمقابل هو فكر خداع وماكر أي أن الاثنين يميلان إلى القوي، وهذا شيء طبيعي، لأن الإنسان المنتج لأي فكر هو إنسان يضع في رأسه أولوية مصالحه الخاصة التي لن تستمر إذا لم تكن قوية ومسنودة من رجل قوي، ولهذا فالحضارة الحديثة، كما كل الحضارات السابقة واللاحقة، هي فكرة استعلائية على الآخرين، ودليل الواقع أبين في النهاية أقول: المصلحة هي التي أزاحت وستزيح الفكر القديم، لأنه لم يعد قادراً على تتبع العقل الذي ينتج الأفكار الحديثة”.
وعند سؤالنا عن الكتب التي أصدرها واختياره العناوين والغوص في التاريخ يجيب حسن: “تعالج هذه الكتب مجموعة من القضايا التي أعتقد بأنها المسؤولة عن ثباتنا ووقوفنا عند أوحال القرون الوسطى ومن هذه القضايا موقف الغرب السلبي من قضايانا العادلة، وعلى رأسها قضية التنمية، كذلك هناك مشكلة العقل العلمي الحديث الذي عجز عن إنتاج قضايا أخلاقية إنسانية عامة، والحل الذي أراه مفيداً يكمن في بناء الدولة الحديثة المعتمدة على القوانين الوضعية والتي تتبنى العلوم الحديثة بكل أنواعها، من دون أن تنسى عاداتنا وتقاليدنا الجيدة”.