هل يهدد التهافت على الذهب نظام البترودولار؟!
علي عبود
أثار حجز ودائع روسيا في أمريكا وأوروبا لاستخدامها بتمويل الحرب الأوكرانية الذعر في كلّ الدول التي تضع معظم إحتياطاتها من الدولار في أمريكا، أو تستثمرها في الأسواق المالية، ومن أبرز هذه الدول الصين والسعودية.
وإذا كانت بعض الدول بدأت فرض العقوبات الاقتصادية على غالبية دول العالم، بالتوجّه إلى امتلاك بديل آمن عن الدولار كالذهب، فإنها زادت من شراء المعدن الأصفر بعد حجز الودائع الروسية وهي بعشرات مليارات الدولارات في مصارف أمريكا وأوروبا وأستراليا واليابان.. إلخ.
ووفق ما نشرته منصة “موني ميتالز” لتداول المعدن الأصفر بتاريخ 23/9/2024 فإن السعودية لجأت إلى سياسة اقتصادية جديدة، تعتمد على امتلاك احتياطي ضخم من الذهب، فقد اشترت المملكة الحليف التاريخي لأمريكا 160 طناً من الذهب بشكل غير معلن “سري” منذ عام 2022.
ومن الملفت أن السعودية تسعى إلى زيادة احتياطيها من الذهب وفق خطة معدّة بعناية، فهي تزيد أو تُخفّض عمليات الشراء وفق أسعار الذهب العالمية.
والملفت أيضاً أن السعودية لا تقوم بتخزين ما تشتريه من ذهب في السنوات الأخيرة لدى المخازن الأمريكية، كما كانت تفعل كلّ دول العالم سابقاً، بل تُخزّنه لدى البنك المركزي السعودي المعروف باسم “مؤسسة النقد العربي السعودي”.
وليست السعودية الوحيدة التي تسعي لامتلاك الذهب أكثر فأكثر، فهي مثل غيرها تسعى للانخراط في “نظام جديد” بدأ يظهر بقوة يعتمد على الذهب أي كبديل عن نظام “البترودولار”.
ولا تخفي مجموعة “بريكس” التي انضمّت إليها السعودية حديثاً، سياساتها الخاصة بالتخلي عن الدولار تدريجياً إلى أن يتمّ التخلي عنه بصورة كاملة خلال عدة سنوات، وقد استحوذ الذهب على مكانة مهمّة في هذه السياسات ليكون معياراً اقتصادياً رئيسياً عالمياً.
وفي هذا السياق، والتوجّه العالمي الجديد، أجرت وكالة “سبوتنيك” ندوة حوارية بعنوان “الأغلبية العالمية في القرن الحادي والعشرين: مواجهة العقوبات والبحث عن بديل للدولار”، وكان من أبرز ما ناقشته آفاق استخدام العملات الوطنية في المدفوعات بين أعضاء “بريكس” والعملة البديلة للدولار.
وإذا كان هناك تردّد في السابق باعتماد الذهب كاحتياطي بديل عن الدولار، فإن عدة دول بدأت باستبدال احتياطيها من الدولار باحتياطي من الذهب منذ بداية الأزمة الأوكرانية، وتجميد الغرب للأصول الروسية.
نعم، لقد بدأت كلّ الدول الخاضعة للعقوبات، أو المتخوّفة من قرارات تجميد أصولها في الغرب مستقبلاً، تسعى لهدف واحد، وهو إيجاد بديل للدولار يكون بعيداً عن سيطرة الغرب.
ولعلّ فيام تكتل “بريكس” بإنشاء “بنك التنمية” سيحرّر الاقتصادات النامية من قبضة وشروط المؤسّسات الغربية كصندوق النقد الدولي.
الخلاصة: لقد أعلنت الصين، وهي الشريك التجاري الأكبر لأمريكا، أكثر من مرة بأن البنية التحتية المالية الحالية، ولاسيما نظام الدفع “سويفت” لم تعد تلبي منذ فترة طويلة مصالح معظم دول العالم بعد أن أصبحت أداة للضغط السياسي والاقتصادي.