اقتصادصحيفة البعث

السوق السوداء تتأهب لرفع سعر المازوت الزراعي.. والمطلوب توفره!!

دمشق – ميس بركات

لم يكد يمضي أسبوعان على أدائها اليمين الدستورية، حتى خرجت الحكومة الجديدة بقراري رفع سعر المازوت المدعوم والبنزين، تلاهما أمس قرار برفع سعر المازوت الزراعي بالسعر المدعوم من 2000 ليرة إلى 5000 ليرة لليتر، كذلك زيادة سعر المازوت الموزع على المنشآت الصناعية الزراعية من 8000 ليرة لليتر إلى سعر التكلفة. 

ولا يمكن أن ننكر أن قرارات الرفع هذه لم تعد تلق النقد والتذمر من المواطنين والفلاحين والصناعيين، كون الرهان قائم على توفر المادة، لا على رفع سعرها، فأصحاب الحاجة للمحروقات كانوا ولا زالوا “دوّيمين” بسوق المحروقات السوداء، وسط قرارات الرفع، على الرغم من تأكيد الفلاحين مراراً وتكراراً أن سوق المحروقات الأسود يضم مزارعين حصلوا على مخصصاتهم بأسماء أراض وهمية لا يقومون بزراعتها، مُكتفين ببيع المازوت بأسعار خيالية، وبالتالي عرقلة الطريق على ما تبقى من مزارعين أكثر حاجة لزراعة أراضيهم وأخذ مخصصاتهم ومخصصات المزارعين الوهميين، إلّا أن شيئاً لم يتغير بل على العكس لا زالت القرارات الصادرة تصب في تضخيم ثرواتهم. 

الخبير الاقتصادي جورج خزام أكد في تصريح لـ “البعث” أن المشكلة تكمن في التزام الحكومة بتوفير المازوت الزراعي بالسعر الجديد، وهذا لن يتم لعدم توفر الإمكانيات، فقرار الرفع هذا لا يخرج من دائرة الوهم للفلاح الذي سيكون ملاذه السوق السوداء.

وعن سبب قرار الرفع، نوّه خزام إلى أن القرار جاء لسد شكاوى مزارعي القمح حول ما تقدمه لهم الحكومة لسعر القمح عند نهاية المحصول على أساس سعر المازوت الزراعي بـ 2000، أما الآن فيتم حساب ورفع سعر القمح بناء على التسعيرة الجديدة.

ووجد الخبير الاقتصادي أن الحل يكون برفع الدعم عن المازوت الزراعي ودفع بدل نقدي للمزارع عوضاً عنه، كون العجز في عرض المادة ما زال قائماً، فالفلاح يحتاج لأضعاف الكمية المقدمة له، بالتالي سنشهد احجام الكثير من مزارعي القمح هذا العام عن زراعته وارتفاع بسيط في سعره كون سعر المازوت سيرتفع في “السودا”.

خزام طالب بأن تكون كمية المازوت التي يستلمها الفلاح متناسبة مع كمية القمح التي يسلمها للحكومة مع نهاية الموسم، أو أن يتم تحرير سعر القمح بالسعر العالمي وشراء الحكومة من الفلاح المادة بهذا السعر وتركه يؤمّن المازوت الزراعي بالسعر الذي يجده مناسباً، كون السعر العالمي يلبي التكاليف التي وضعها والأجور التي صرفها على محصوله حتى لو بسعر “السودا”. 

ويتفق الخبير التنموي أكرم عفيف مع خزام بأن توفر المازوت الزراعي بالسعر الذي وضعته الحكومة أمس لن يشكل مشكلة أمام المزارعين، لأن الفلاح كان يشتري معظم احتياجاته بـ 17000 ليرة لليتر الواحد، فإذا تم رفعه لـ 5000 ووفرته الحكومة سنكون قد حققنا انخفاضا في سعره بالنسبة للفلاح، لكن في الحقيقة لا أتوقع أن يتوفر بهذا السعر، وبالتالي سيكون هناك سبب إضافي لرفع سعر المازوت الحر الذي يضطر الفلاح لشرائه لسقاية أرضه وسنشهد ارتفاع حقيقي في سعر المحاصيل كافة في القريب العاجل.