“غناء الحياة” أمسية أوبرالية لـ سمية حلاق
ملده شويكاني
ارتأت مغنية الأوبرا السوبرانو سمية الحلاق الحاصلة على الجنسية السويسرية إلى جانب السورية أن تفاجئ جمهورها بغنائها “هابانيرا” أشهر أغنية في أوبرا كارمن- طائر الحب المتمرد- في نهاية الأمسية التي قدمتها على مسرح الأوبرا بعنوان “غناء الحياة”، فتناغمت إيقاعات صوتها وتعابيرها الدرامية مع الموسيقا بتفاعل الجمهور معها، ولاسيما أنها ليست غريبة، إذ حرصت على إقامة أمسياتها المتتالية خلال سنوات الحرب الإرهابية وزيارة مدينتها حلب على الرغم من كل الأوضاع الصعبة آنذاك.
وأخذت الحلاق دور البطولة بالغناء وأداء المشهد التعبيري لآريات وأغنيات الأوبرات التي قدمتها، بإيحاءات ألوان ثيابها المتغيرة بين الأحمر والأزرق والأسود بما يتلاءم مع مضمون الأوبرا، وكان لوقع خطواتها وانفعالاتها دور كبير بالإشارة إلى الحالة الدرامية بمرافقة الموسيقا، فحفل البرنامج بكل المشاعر الإنسانية من حزن وفقد وعتاب ورثاء وقسوة وحب وشغف وهزل إلى أن انتهت بالصلاة من أجل السلام بتأديتها المقطوعة الرائعة “إيفا ماريا” للمؤلف “فيردي” من أوبرا أوتيلو بتكرار مفردة ماريا وركوعها مرددة “آمين” مع امتدادات درجة الصوت بمرافقة لحن الكمان الهادئ ضمن الرباعي الوتري.
ولم تقتصر الأمسية على تقنيات الغناء الأوبرالي، إذ شغلت الموسيقا الآلية بعض الفقرات، وتعد هذه الأمسية مميزة لأن الغناء الأوبرالي باللغتين الفرنسية والإيطالية، لم يكن مع الأوركسترا وإنما مع مجموعة صغيرة من الموسيقيين بمشاركة رباعي الوتري “ديمة خير بك ـ كمان أول، دافيد ميليكونيان ـ كمان ثان، راما البرشة ـ فيولا ومحمد نامق تشيللو، بالإضافة إلى عازف البيانو هنري أيوب في بعض الفقرات، ما ساعد الجمهور على التركيز أكثر على الأداء والتواصل مع هذا الفنّ النخبوي.
ومن مقطوعات الموسيقا الآلية صولو البيانو لهنري أيوب بعزف مقطوعة “ليست” التي أعاد فيها صياغة موسيقا ريكوليتو لفيردي، وتميزت بلحن براق تخللتها مواضع سريعة جداً، واستحوذ على إعجاب جمهور الأوبرا لموهبته ومهارته بالعزف.
كما شكّل مشهداً ثنائياً فقط بالعزف مع سمية الحلاق بغناء آرية من أوبرا البوهيمي للمؤلف الإيطالي بوتشيني، فأوحت بتعبيراتها وصوتها وحركاتها عن مضمون الأوبرا الذي يدور حول فتاة تستعطف حبيبها ليعود إليها، فأخذت الحلاق دور الفتاة في حين أدى أيوب بالعزف دور مارشيلو.
ومن ثم عزف مع الرباعي “كستاديفا” للمؤلف بيليني من نورما بمرافقة الغناء، كما عزف مع الرباعي فيدريمو وغنت الحلاق مدام بترفلاي للمؤلف بوتشيني أيضاً.
أما غالبية المقطوعات فكانت بمرافقة الرباعي الوتري الذي افتتح الأمسية بعزفه “عبد العازار للمؤلف الإنكليزي هنري برسل” وتميزت بلحنها الهادئ بدور التشيللو الحزين.
ومن الآريات والمقطوعات التي رافق فيها الرباعي مغنية الأوبرا الحلاق أغنية من أوبرا تاييس للمؤلف الفرنسي جول ماسينييه، بالإضافة إلى غنائها “مورجن” للمؤلف الألماني شتراوس وغيرها.
وأشادت سمية الحلاق بجمهورها الذي تفتخر به، متمنية أن يتحقق السلام الداخلي من خلال المسرح والموسيقا، كما أعرب عازف البيانو اليافع القادم من حلب هنري أيوب في حديثه مع “البعث”، وهو في الصف الثالث الإعدادي ومن طلاب معهد صباح فخري- صف التخرج، بأنه سعيد بالمشاركة مع مغنية الأوبرا سمية الحلاق بتأدية هذه المقاطع الصعبة من الأوبرات المتنوعة ابتداء من عصر الباروك.