كامالا هاريس.. هل تكون أول رئيسة؟
تقرير- سنان حسن
كامالا هاريس، المرشحة للرئاسة الأميركية ونائبة الرئيس الحالية عن الحزب الديمقراطي، تمثل شخصية ذات أبعاد متعددة، تتراوح بين الليبرالية والمعتدلة، وبين المثالية والعملية. فهي، وفقاً لمساعديها الحاليين والسابقين، شخصية تتمتع برؤية قِيَمية وتوجهات عملية، تسعى لمحاسبة المذنبين، لكنها في الوقت ذاته منفتحة على التنازلات حين تكون ضرورية، ورغم مواقفها تظهر هاريس كسياسية تطمح إلى التغيير من داخل المؤسسات، ملتزمة بتحقيق العدالة، ولكنها في الوقت نفسه قادرة على اتخاذ مواقف وسطية إذا لزم الأمر.
فقد حرصت على إبقاء توازن بين دعم العدالة الاجتماعية ودورها كمدعية عامة، حيث سعت إلى محاسبة المذنبين مع مراعاة الواقع السياسي والقانوني. ومع تقدم مسيرتها السياسية وصولاً إلى منصب نائب الرئيس، أصبحت هاريس واجهة للتنوع العرقي والثقافي داخل الولايات المتحدة، لكنها لم تخلُ من الانتقادات التي تتناول قدرتها على الموازنة بين رؤيتها التقدمية وضرورة اتخاذ قرارات توافقية.
وُلدت هاريس في مدينة أوكلاند بولاية كاليفورنيا عام 1964 لأبوين مهاجرين؛ والدها من جامايكا ووالدتها من الهند. كان كلاهما طالبين وناشطين في مجال الحقوق المدنية بجامعة كاليفورنيا في بيركلي. وترعرعت هاريس في بيئة داعمة لحركات الاحتجاج، حيث شاركت والدتها، شيامالا جوبالان هاريس، الباحثة في مجال سرطان الثدي، في المظاهرات، وتأثرت كامالا منذ نعومة أظفارها بشعارات المطالبة بالحرية.
شيامالا، التي كانت محبة ولكن متطلبة، علّمت كامالا وأختها مايا أن يواجها الظلم بالعمل وليس بالشكوى. أصبحت هذه النصيحة ركيزة أساسية في مسيرة هاريس، وشعارها الذي ردّدته في المؤتمر الوطني الديمقراطي: “لا تشتكي من الظلم؛ بل افعل شيئاً حيال ذلك.”
في مرحلة دراستها، التحقت هاريس بجامعة هوارد، وهي مؤسسة تاريخية للسود في واشنطن العاصمة، حيث شاركت في جمعية نسائية سوداء أصبحت اليوم مصدر قوة سياسية لها. بعد التخرج، عملت في ماكدونالدز، رغم اعتراض الرئيس السابق ترامب على إدراج هذا العمل ضمن سيرتها الذاتية، ثم التحقت بكلية الحقوق في سان فرانسيسكو بتشجيع من والدتها التي رأت في القانون مهنة تتطلب منطقاً متيناً، مثل عملها في العلوم.
بدأت هاريس مسيرتها المهنية كنائبة للمدعي العام في مقاطعة ألاميدا، حيث تخصصت في قضايا الاعتداء الجنسي على الأطفال. ورغم أنها واجهت بعض الانتقادات لتوليها منصب الادعاء الذي يبدو بعيداً عن جذورها في العدالة الاجتماعية، اعتبرت هاريس أن مهمتها كانت، ولا تزال، منح صوت لمن لا صوت لهم، ومع وصولها المتدرج إلى أهم المناصب السياسية في هرم السلطة الأمريكية، يتساءل كثيرون عما إذا كانت هاريس ستنجح في تحويل خطابها القيمي إلى سياسات ملموسة، وما إذا كانت ستتخذ مساراً ليبرالياً ثابتا،ً أم ستظل مرنة أمام الضغوط السياسية والواقعية التي تفرضها ساحات السياسة الأميركية. تقول وسائل الإعلام الأمريكية: “إن هاريس لم تكن مرشحة أولى في المناصب التي تولتها، ولكنها استطاعت أن تصل إليها، فهل تفوز هاريس بالرئاسة وتكون أول امرأة تتسلم زعامة البيت الأبيض”؟.