ارتفاع أسعار المحروقات.. انعكاس سلبي على الأسواق وعامل محفز للغش ورفع الأسعار
دمشق – البعث
تستمر الأسعار في مسلسل الارتفاع اليومي، حيث لم تسلم مادة من علة الارتفاع تحت مبررات كثيرة، وفي مقدمتها أسعار المحروقات، وانعكاس ذلك على قطاع النقل الذي له تأثير كبير على الأسواق، وهذا الارتفاع المتواصل في الأسعار دفع الكثير من الناس الذين يعانون من قلة الدخل وانخفاض المستوى المعيشي، وهم الغالبية الآن، للبحث عن الرخص في كلّ شيء، لنجد الكثيرين يحاولون الحصول على أرخص المواد دون الاهتمام بعمليات الغش التي قبلوا بها في أسواق اللحوم والخضار والأجبان والألبان الرخيصة، حيث يتلاعب تجار هذه الأسواق بصحة هؤلاء المواطنين محققين أرباحاً خيالية لم تكن تخطر ببالهم في يوم ما.
وجولة صغيرة على الأسواق ستكشف بسرعة التلاعب بالمواد من حيث جودتها وفاعليتها وكمياتها، فالعبوة التي كانت ممتلئة بالمنظفات مثلاً انخفضت كميتها إلى النصف وانعدمت جودتها، والألبان باتت اليوم عبارة عن ماء ونشاء مع إضافة عدد من المنكهات لتُخفي عملية الغش، وعند مرورك بمدخل سوق اللحوم في منطقة باب سريجة ستفوح روائح اللحوم المختلفة حي تنتشر لحوم غير صالحة للأكل، وخاصة مع غياب الكهرباء وفساد كميات كبيرة منها، حيث يتمّ تنظيفها بمواد كيميائية لإزالة رائحتها الكريهة وطرحها في الأسواق والمطاعم بالتعاون مع ضعاف النفوس على أنها لحوم طازجة، ويقومون بإضافة الصبغات والبهارات عليها كي لا يكتشف المواطن غشهم وتزويرهم، إضافة إلى الورشات التي تمّ ضبطها تقوم بعملية الغش من خلال تعبئة مياه الآبار على أنها مياه معدنية في عبوات المياه المعدنية التي تحمل ماركة “الفيجة” و”بقين”، كذلك وصل الغش في تعبئة أسطوانات الغاز من خلال تخفيض كمية الغاز داخل الأسطوانة أو تعبئتها بالماء، ولا ننسى قيام الكثير من التجار ببيع المواد الغذائية التي انتهت صلاحيتها.
بدورها مديريات حماية المستهلك طالبت المواطنين من خلال اللقاءات والاجتماعات ووسائل الإعلام بالتأكد عند شرائهم لهذه المنتجات رخيصة الثمن وعليهم الإبلاغ عن أي مخالفة يصادفها، فقد تمّ إغلاق عدد كبير من المحلات المخالفة ودوريات المديرية موجودة في كل مكان، لكن الحاجة أكبر وحجم العمل يتطلب عدداً أكبر من العاملين في مجال الرقابة والتفتيش، وهذا يتطلّب مساعدة المواطن في ذلك لتقديمه الشكاوى للمديرية ليتمّ ضبط المخالفات من خلال الأرقام الساخنة التي تمّ تخصيصها، وعن قيام بعض ضعاف النفوس، تؤكد دائماً أنها تقوم بتوجيه دوريات الحماية لتشديد الرقابة على جميع السلع الأساسية المتعلقة بمعيشة المواطن اليومية، حيث تمّ اعتماد نظام المجموعات بتغطية الرقابة على الأسواق، مع كثرة شكاوى الناس من فلتان الأسعار، وكثرة المواد المغشوشة، وظهور حيتان جدد انتهزوا حاجة الناس لزيادة أرباحهم، واحتكار المواد الأساسية واليومية للمواطن.
الدكتورة منى سيف الدين (علم اجتماع) أكدت أن ما يجري في الأسواق لجهة الفوضى السعرية وانتشار حالات الغش يمثل انعكاساً للسلوكيات السلبية التي باتت أكثر حضوراً في المجتمع، فالغش سلوك خطير لا يدرك الكثيرون أبعاده المدمرة للمجتمعات، وسلوك غير صحي يحتاج إلى بيئة حاضنة قانونية واجتماعية، لذا علينا ضبط هذه الظاهرة بشتى الطرق لحماية مجتمعنا من مستقبل خطير، فانتشاره يؤدي إلى انتشار العديد من الأمراض الاجتماعية الخطيرة، كالكذب والسرقة والقتل، وهذه الآفات الاجتماعية والجرمية إن صحت التسمية تشكل أهم عوامل تفكك الأسرة أولاً ومن ثم المجتمع!