تفاضلية “الحجر الصغير”…؟!
بشير فرزان
تفاجأ العديد من المواطنين باحتساب سعر ربطة الخبز في الأفران وفق أجهزة تكامل بـ 9000 ليرة سورية، بخلاف ما نص عليه القرار الأخير المتعلق بالمستفيدين من الدعم، والصادر عن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، والمستند إلى توصية اللجنة الاقتصادية، والذي أثار جدلاً واسعاً لعدم الوضوح وما تبعه من توضيح صادر عن الوزارة بأنه يتعلق بالأجانب فقط.
وقبل التسرّع في الحكم، قد يكون الموضوع عبارة عن خطأ تقني يمكن إصلاحه، أما إذا كان الهدف من القرار رفع سعر الربطة إلى سعر الكلفة، كما يُقال، فهذا ما يضع المواطنين أمام إشارات استفهامية عديدة، بما يوحي أن هناك عملية ترحيل جديدة وابتعاداً ميدانياً مزعجاً عن جبهات الانفراجات الموعودة، كما يسميها السادة الوزراء والكادر الاستشاري الذي نراه ضائعاً بين محاولاته لتقديم الأعذار المشفوعة بالظروف الاستثنائية وبين جهوده للترويج وتسويق البيان الوزاري، تاركاً مهمّته الأساسية في تقديم الحلول ووضع الخطوات التنفيذية الإنقاذية للمجهول!!
وطبعاً، الانطباع العام حول ما يدور ويصدر رسمياً لا يخرج من دائرة الإيجابية، إلا أن التفاصيل تكشف عن ميول لاستثمار المتناقضات السابقة كعامل جذب، دون تقديم الحلول التي بقيت بعيدة أو غائبة. ويمكن لنا، من خلال القراءة المتأنية لما يصدر من داخل قاعات الاجتماعات، أن نستخلص تكراراً وتشابهاً مع بعض الرتوش والعبارات، ولذلك سنعتمد على التكرار أيضاً باستعادة ما كتبناه سابقاً عن المشكلات الموجودة في حياة الناس، والتي يمكن التخفيف منها بعدة اتجاهات ومسارات وتحديداً في الحالة المعيشية التي تشكّل الهمّ الأكبر والمشترك بين الحكومة والمواطن، فعلى سبيل المثال الكتلة النقدية الموجودة في المصارف تستطيع تحريك سوق العمل بقوة في حال استثمرت بشكل صحيح وتمّ منحها لمشاريع إنتاجية ومن ضمنها الشركات العامة التي تتقدّم بمشروع متكامل على نطاق ورشات صناعية إنتاجية منافسة في الأسواق، وحسب متطلبات السوق وبرأسمال بسيط، مع الانتباه لتوفر اليد العاملة والمنشآت، وإلى جانب ذلك هناك خطوات أخرى على صعيد الزراعة عبر المشاريع التعاونية بحيث يتمّ إمداد الفلاحين مباشرة بكل مستلزمات الإنتاج وتقاسم المحصول مناصفة وفق آليات الضمان وغيرها، وطبعاً هذه الأفكار تندرجُ ضمن قائمة الحلول التي يمكن تنفيذها عبر الأذرع التدخلية المؤسّساتية، وهي ممكنة في حال بقيت بعيدة عن الفكر الانتهازي الوصولي وتمّت حمايتها بالمساءلة والمحاسبة الحقيقية.
وكما قلنا لمرات عديدة، فإن الاتكال على نهج “إدارة النقص لا الوفرة” يعني الدوران حول الذات، وستكون له تداعيات كبيرة على الناس التي أثقلت الأعباء تفاؤلها وأضعفت التحديات تماسكها الاجتماعي والاقتصادي ودخلت مرحلة الخطر الذي يهدّد روابط الانتماء التي دفع لأجل تخريبها ملايين الدولارات القادمة من وراء البحار.. فهل ترتقي المؤسّسات الوزارية بأدائها إلى مستوى الواقع، أم تبقى عالقة في تفاضلية حمل الأحجار الكبيرة أو الصغيرة دون إصابة أي هدف، وهذا ما هو واضح في عرض واستعراض البيان الوزاري وعمل الحكومة وفق رؤيتها التراكمية؟