أمور محيِّرة!!
عبد الكريم النّاعم
قال والحيْرة بادية على وجهه:” أصبحتُ أشكّ حتى فيما أفكّر فيه!!”.
أجابه: “قد تكون لك مسوَّغاتك”.
قال: “بالتأكيد، فأنا لا أتكلم من فراغ، أستمعُ إلى الأخبار، وأتنقّل بين المحطات، ذات التوجّهات المختلفة، لعلني أستطيع لملمة ما يمكن الرسوّ فيه على برّ”.
أجابه: “قد لا تكون وحدك في هذا، فثمّة كثيرون مثلك، وهذا ناتج، كما أرى عن أحد أمرين، إمّا أنّها تحرّكات مدروسة من قِبل راسميها، والمقصود بها أن نصل إلى هذه المتاهة، وأنا أرجّح شيئاً من هذا، وإمّا أنّ الأمور معقّدة، ومتداخلة لدرجة استعصى فيها الموضوع حتى على الجهات التي لديها من الخبراء والمحللين ما يُدهش، ومع ذلك فقد وصلوا إلى حيث ذكرت.. وكلّه ممكن، ويصعب البتّ فيه بقول نهائي لا شُبهة فيه؛ أمّا الذي لا يتوه فيه العاقل الوطني فهو أنّ أهلنا في جنوب لبنان وغزّة يُقصفون ليلاً ونهاراً، فقد دُمّرت البيوت، وإذا كان أهلنا في لبنان قد وجدوا – بقدر ما – أماكن تؤويهم، ونحن على أبواب نهاية الخريف، فإنّ أهلنا في غزّة تحت السماء والطارق – كما يقال – بلا ماء، ولا غذاء، وهذا كلّه يجري تحت سمع وبصر ما يقال عنه العالم المتمدّن، فهل ثمّة وحشية بعد هذا ؟!! لقد شهدنا في بعض الفيديوهات حيوانات مفترِسة تحنّ على فرائسها فلا تأكلها، فانظر أين موقع هؤلاء الداعمين لتل أبيب، وما هو أكثر قذارة وخسة بعض أبناء الداخل، ممّن يعيشون بيننا، من المروِّجين لأقوال حكام الغرب المتصهينين، ومن الذين لا يوصلون إليك إلاّ ما يثير الكآبة واليأس، وأعداء الداخل أشدّ خطورة من أعداء الخارج.
قاطعه غاضباً: “هل تصل الخيانة إلى هذا الحدّ”؟!!
أجابه: “أنا أتحفّظ على مفردة (الخيانة)، لأنّ الخائن هو مَن يذهب وهو بكامل وعيه، إلى المواقع التي تخدم أغراض العدوّ، ويُدرك أنّ ما يفعله هو ضدّ بلده وأبناء وطنه، ويسارع إلى تحقيق ذلك..
قاطعه: “ماذا تسمّي الذين لا ينطبق عليهم تعريفك الآنف”؟
أجابه: “أسمّيهم (ضالّين)، وأشير إلى أن بعض الضلال لا يقلّ خطراً، من حيث النتائج، عن خطر ما يفعله العملاء الذين اشترتهم الدولارات، أو المغريات الأخرى..
قاطعه: “كيف يصل بعض هؤلاء إلى حيث يقفون؟!!”.
أجابه: “بعضهم أعماه الانفعال، فهو له رأي في مسألة من المسائل، أو أكثر من رأي، فقد يُضمر مشروعاً يرى فيه فكّ العُقَد التي تبدو مستعصية، وحين وجد الأبواب مسدودة ولم تجد دعوته استجابة كافية تطرّف.. فأخذه تطرّفه إلى مواقع يستفيد منها العدوّ، وبعض الناس، ممّن يتّصفون بالعناد، يصعب عليهم التراجع، أو الاعتراف بالخطأ، وهنا لا بدّ من التفريق بين ما يُسمّى تقصيراً، أو خلَلاً في البلد، و.. ردّة الفعل عليها، فمشاكل الداخل لا يمكن حلّها عن أيّ طريق من طُرُق الخارج، فكيف حين يكون هذا الخارج هو قيادات الغرب المتصهينة، والتي لم يبق لها ما يستر عريها بعد أن افتُضحتْ في موقفها من الحرب الدائرة منذ أكثر من عام في غزّة وجنوب لبنان، مسائل الداخل تُحلّ داخليّاً لا بالاستعانة بمَن نعرف غدره التاريخي تجاه قضايانا الوطنية والقوميّة..
قاطعه: “وهذه اللقاءات المختلفة، في أكثر من عاصمة، والتي يوحون أنّها من أجل وقف إطلاق النار؟”.
أجابه: “في رأيي أنّ جزءاً كبيراً منها هو شراء وقت مستقطّع لصالح العدو، وثمّة جزء يمكن اعتباره عمليّة إنقاذ للمجتمع الإسرائيلي، إنقاذ من استمرار الاستنزاف لقواه البشرية، والنفسية، والمجتمعيّة، والأمور ليست خفية على ذوي البصيرة..
aaalnaem@gmail.com