في مقدمتها العسل والحلويات.. سلع مغشوشة و”أصانصات” تتلاعب بجودة المواد
دمشق – رحاب رجب
بهدف تحقيق أرياح فاحشة، لا يتردّد البعض بغش المواد الغذائية، ضاربين عرض الحائط بأمن وسلامة الغذاء التي تعتبر العصب الحيوي للصحة العامة؛ والسؤال: هل هناك مواد خاصة لغش الأغذية؟ وكيف يتمّ اكتشافها؟ وماذا عما يسمّى بـ “الأصنصات”؟
بالطبع تتعدّد طرق الغش، وتتنوّع معها المواد المستخدمة لبيع المواد سيئة الجودة على أنها نخب أول، على حدّ قول المهندس هادي فهد، رئيس شُعبة المبيدات في مديرية المواصفات الفنية والمخابر في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، لافتاً إلى أن العسل أحد أهم السلع التي يكثر غشها، ويتساءل المواطنون دائماً عن كيفية ذلك، بل ويقوم البعض بإجراء تجارب تكشف الغش، ولكن للأسف معظمها غير حقيقي ولا يعطي النتائج المرجوة.
وكشف فهد أنه انتشرت في الآونة الأخيرة مواد تحت مسمّى “أصنصات” أو “أصنص” بحيث يضاف قليل من هذه المواد بحسب المادة المراد غشها لتعطي اللون والطعم نفسه، إلا أن هذا النوع من الغش لم يعد خافياً على أحد، حيث تباع المادة المغشوشة أو المقلّدة للسلعة الأصلية بأسعار زهيدة ترغب المواطنين بالإقدام على شرائها.
ولفت فهد إلى أن مديرية المواصفات الفنية والمخابر مسؤولة عن جميع السلع الغذائية المصنّعة محلياً وكذلك المستوردة، وتحليلها باستخدام أجهزة يصل سعر أحدها إلى 6 مليارات ليرة، ناهيك عن مراقبة المواد الخام، والمصنّعة المستوردة والمصدّرة أيضاً، وكل ذلك يكون عبر مندوبين للمديرية في المنافذ الحدودية هي من يأخذ العينات لتحليلها في المخبر، وبعدها يصدر المخبر شهادة تتضمن جودة الغذاء وسلامة الغذاء في حال كانت العينة الخاصة مطابقة للمواصفة.
وعن المواد التي يتمّ غشها، أكد فهد أنه أصبح هناك أصنصات لكل مادة، فاليوم يقوم البعض بصنع محلول سكري ويضيفون له أصنص عسل، ويروّجونه في الأسواق عبر باعة جوالين يرغبون المواطن بشرائه بنصف ثمن الأصلي باستخدام عبارات جاذبة وغيرها، لافتاً إلى أن هناك العديد من السلع التي يتمّ غشها ولا يعلم الناس بها، مثل الحلويات عبر صنعها بالسمن العربي، بينما في الحقيقة يتمّ إضافة بخات بسيطة من محلول السمن إلى تلك الحلويات، وهي في الأساس مصنوعة من الزيت النباتي، إلا أن هذه الأصناف من الحلويات يتمّ طرحها للاستهلاك المحلي، بينما المعدّة للتصدير تختلف جذرياً وهي مصنّعة بإتقان.
وكشف المهندس فهد أن العديد من شحنات المواد الغذائية تمّ إعادتها إلى بلدها المصدّر لها بسبب أنها مخالفة للمواصفات الفنية، لافتاً إلى أن المخبر يقوم بعمله على أكمل وجه حتى يعطي القرار الدقيق، حيث إن قرار المخالفة مسؤولية كما قرار المطابقة أيضاً، مؤكداً أنه نتيجة لذلك ترى اليوم المنتجات التي تُطرح في الأسواق المحلية هي ذاتها التي تصدّر حيث لا فرق بين الاثنين.
ولم يخفِ فهد أن بعض الحالات تستدعي القيام بجولات إلى المعامل للتأكد من مصدر خلل ما ظهر أثناء تحليل عينة لمنتج ما، ففي إحدى المرات تكرّرت مخالفة مادة الحمص الناعم لزيادة في مادة الرصاص، وكذلك الحلاوة أيضاً خالفت بالسامونيلا، فمثل هذه الحالات تستدعي الوقوف على واقع تصنيعها لمعرفة مكمن الخلل. ورغم ظروف الحرب التي مرت على سورية، إلا أن المواد المستخدمة في التحاليل بقيت نفسها، ويتمّ تأمينها من المصدر نفسه، ولكن بسعر أعلى ووقت أطول، لأنه، وبحسب فهد، لا يمكن استبدال تلك المواد من مصادر أخرى، مؤكداً أن عمل المديرية يتمّ بالتنسيق والتعامل مع إدارة الجمارك العامة التي تتولى مهمّة أخذ العينات أيضاً، فاليوم لا يمكن لأي صاحب شحنة أن يمانع من أخذ عينة، لأن الشكوك ستدور حول مخالفة ما، أو أن يجبر المسؤولين عن أخذ العينات باختيارها حسب إرادته.
وختم فهد قوله بأن هناك عاملين في المخبر مصابون بأمراض مثل الربو، ومنهم من تلقى العلاج من بعض السرطانات، وكلّ ذلك ناتج عن طبيعة العمل التي تجبر العامل على استنشاق أنواع من الأبخرة والسموم المنبعثة من عمليات التحليل أو المواد المستخدمة فيها.