25 مليون دولار حجم قطاع التأمين في السوق.. وخسائر كبيرة جراء ارتفاع التضخم والتكاليف
دمشق-محمد العمر
كغيره من القطاعات الاقتصادية، عانى قطاع التأمين السوري خلال سنوات الحرب والحصار الاقتصادي، العديد من التحديات في الحصول على التغطيات التأمينية، منها ارتفاع التضخم وآثاره السلبية، وارتفاع قيم المستلزمات وتكاليف الخدمة الطبية، ومصاريف الاستحواذ وضعف فرص وخيارات إعادة التأمين، مع امتناع شركات الإعادة الخارجية عن التعامل مع السوق السورية، والتحدي الآخر هو المصاريف الإدارية والمستوى المعيشي وأولويات المواطن، إضافة إلى صعوبات التوسّع الجغرافي وتكاليفه، ويعتبر مراقبون بالاقتصاد أن نسبة مساهمة قطاع التأمين في الناتج المحلي 1 بالمئة في السوق، وهي برأيهم نسبة جيدة في ظلّ أزمة خانقة تعرّض لها الاقتصاد السوري.
المهندس سامر العش مدير شركة العقيلة للتأمين، ونائب رئيس الاتحاد السوري لشركات التأمين، أكد لـ “البعث” أن حجم قطاع التأمين السوري اليوم لا يتجاوز 25 مليون دولار، في وقت كان قبل الأزمة عام 2010 يعادل 400 مليون دولار، فالتأثر بالمجمل كان سلبياً على الجميع من حيث الملاءة المالية والاستثمارية، ولاسيما أن كافة شركات التأمين الخاصة تأسّست بموجب مرسوم تشريعي 43 عام 2005 والناتج عملها عن استثمارات بهدف التنمية والدخول بالعملية الاقتصادية وتحقيق الأرباح، لافتاً إلى أن استقرار سعر الصرف الليرة هو أهم شيء بالعملية التأمينية كون استقراره السبب في كلّ التعويضات المدفوعة من شركات التأمين، التي هي بالأساس عبارة عن دفع مستلزمات أو قطع تبديلية أو خدمات طبية أو صور شعاعية أو مواد مخبرية أساسها استيراد، لكنها في الفترة الأخيرة ارتفعت بشكل عالٍ جداً.
وبيّن العش أن هناك خسائر كبيرة وجملة تحديات جسيمة ما زالت تواجهها الشركات، وخاصة أثناء الأزمات جراء ارتفاع الكلف التشغيلية والتضخم بأسعار المواد والقطع، حيث إن الارتفاع بفترة من الفترات كان مقبولاً خاصة وأنه لا يتجاوز 30 حتى 50 بالمئة، وهو بحدود التوقعات المقبولة، لكن حين تتجاوز النسبة هذه إلى أكثر من ذلك بكثير خلال السنة التأمينية الواحدة أكثر من ذلك، فهذا ضرر ويسبّب خسائر باهظة لا تقدّر أي شركة على تحمّله! دالاً على أن حجم التعويض التي تدفعه شركات التأمين قد بات عالياً جداً، وسيكون هناك إحجام من بعضها نتيجة تأثرها مالياً، فمثلاً التأمين الصحي لا زال يخضع لقرارات، ولا يوجد هيكل قانوني له لأن التأمين الصحي بالأساس هو احتياج ملحّ لأفراد لمجتمع، فيجب النظر من قبل الحكومة ووزارة المالية إلى هذا الاحتياج الذي يعاني منه قطاع التأمين الذي هو يعدّ مستثمراً بالنهاية.
وأشار العش إلى أنه حين ترتفع نسبة الخدمات الطبية بالتأمين الصحي عند مزوّدي الخدمات من الأشعة والمخابر والمشافي والأطباء أو غيره بأكثر من 400 بالمئة فهو ما لم يكن متوقعاً أبداً، ولا يمكن تلافي خسائره، كون العملية التأمينية أصلاً تتعلق بالقسط واحتسابها لقيمة الخدمة، وهي بالتالي عملية اكتوارية، يحتسب القسط فيها بناء على ظرف معين أو سعر صرف ما، فإذا تغيّر هذا التوقع بنسب كثيرة، فالشركة ملتزمة بهذا العقد تجاه أي مشترك بالتأمين، ولا يمكن تغييره طيلة السنة التأمينية، مع أن الأسعار قد تضخمت أكثر منذ بداية العام والاكتتاب بأضعاف مضاعفة.
ولفت إلى أن هناك معاناة أساسية اليوم تكمن في آلية العمل، فكما هو معروف قطاع التأمين يعدّ الرافد في السوق وهو واحد ومتكامل بين العام والخاص، لكن أن يطبق على القطاع العام شيء، وعلى الخاص يطبق شيء آخر فهذا خلل، فمثلاً المستثمر الذي جاء إلى سورية قد افترض أنه سيكون هناك منظومة ستطبق على القطاع بالسوية نفسها، لكن ما واجهه فيما يتعلق بمجمعات التأمين الإلزامي كان لشركات التأمين الخاصة نسبة 5 أو10 بالمئة، والباقي كان لصالح المؤسّسة العامة للتأمين، وهذه قرارات غير عادلة وغير منصفة. ولم يخف العش أنه تمّ استغلال التأمين الصحي من قبل البعض، ولاسيما فيما يتعلق بالموضوع التكنولوجي خلال الأزمات، مما جعله بعيداً عن غايته رغم أنه يعتبر محفظة للشخص والبيت المالي له، حيث إن هذه المحفظة تأثرت سلباً عبر الاستخدام الخطأ في البطاقة التأمينية، مما انعكس على جودة العمل.
وأشار إلى أن قطاع التأمين يحدث بالاشتراك مع مزودي الخدمة، ولكن هذا القطاع ليس لديه سلطة الرقابة على هؤلاء، فلا يجوز أن يكون هناك اختلال كبير بالتسعير والاختلاف بين مكان وآخر، وهذا يعتبر خللاً وعلى وزارة الصحة التشديد بالرقابة على الأسعار من مزوّدي الخدمات التأمينية، لأنه إذا استمرت الخسائر سواء كان بالقطاع الحكومي أو القطاع الخاص سيكون هناك إحجام عن الاكتتاب بالتأمين الصحي، خاصة وأن قطاع التأمين يوفر فرص توظيف عديدة في شركات التأمين تتراوح مابين 2800 و3000 موظف، ناهيك عن مقدّمي خدمات التأمين والوسطاء وشركات إدارة نفقات ومستشارين، والشريحة الكبيرة تطال المراكز الطبية وشركات الاستيراد.