مؤسسات وشركات القطاع العام.. خطط “برّاقة” واستعراض مفبرك لحماية المناصب الإدارية!
دمشق – ميس بركات
ليست المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة، التي لا تتطابق فيها “حسابات البيدر مع حسابات الحقل” في الغالبية العظمى من مؤسّسات وشركات القطاع العام، فمن يطّلع على التقارير السنوية التي يتمّ وضعها الآن لهذه المؤسسات يجد أن “زبدة” عمل هذه الشركات على مدار العام أتت برأي القائمين عليها في أغلب الأحيان دون المأمول، فبين عوائق آنية لم تكن بالحسبان وسوء في التخطيط كان عدم الرضا سيّد الموقف مع نهاية العام وجرد الحسابات.
ولأن مشكلة سوء التخطيط ليست وليدة الحرب وما تلاها من خلخلة في العمل الإداري، كان من الضروري لفت النظر إلى أهمية الابتعاد عن وضع خطط “برّاقة” ولا تخرج من دائرة “شوفة الحال” في المؤتمرات، لاستعراض ما سيتمّ إنجازه من خطط، حفاظاً على المناصب الإدارية.
وأكد إبراهيم شحادة، مدير التسويق في الشركة الهندسية بحلب، أن الأهداف المرسومة في الغالبية العظمى لشركات القطاع العام تبتعد كلّ البعد عن الاستغلال الصحيح للموارد الموجودة بين يديها، سواء كانت مادية أو بشرية، لاسيّما في ظلّ الأوضاع الراهنة ونقص المستلزمات وشح الطاقة، كما أن الوضع لا يختلف في الشركات والمؤسّسات الخاصة، لذا فالمطلوب في كلا القطاعين رسم مسار حقيقي لتحقيق أهداف تمّ التخطيط لها بناءً على إمكانيات واضحة أمامها، كما يجب وضع خطط للشركات في الحدّ الأدنى، أي الأخذ بالحسبان موارد مادية وبشرية أقل أو حدوث أي طارئ أو خلل للوصول إلى أهداف فعلية، مع أهمية مراجعة نقاط القوة والضعف في فترات متقاربة، لافتاً إلى أن أكبر العوائق التي تحول دون تنفيذ التخطيط تتجلّى بغياب القيادة الفعلية المُلمّة بجميع التفاصيل والإمكانيات، فالإدارة السيئة تؤثر على جميع العاملين والعمليات التجارية، كما تحول محدودية القوى العاملة دون إكمال المهام المطلوبة.
في المقابل، ألقى الدكتور سامر المصطفى، اختصاص إدارة عامة، اللوم في فشل التخطيط لمؤسّسات القطاع العام على القيادات الإدارية التي تخطّط للحفاظ على الكرسي لا لتحقيق أهداف المؤسّسة، مشيراً إلى أن القطاع الخاص يعاني من سوء التخطيط أكثر من العام بكثير، وفرّق المصطفى بين الإدارة والقيادة، فالإدارة في أغلب الشركات العامة عبارة عن هيكل بلا روح هدفها الكرسي، كما أنها تقرأ نظام العمل وتُلقي اللوم على الآخرين في فشلها، وتعتمد على الإمكانيات الموجودة، وعلى مبدأ “إن لم تكن معنا فأنت ضدنا”، وهي عبارة عن فن التعجيز، في حين تفهم القيادة نظام العمل، ووسيلتها الكرسي، وتعطي الآخرين ليكبروا معها، كما أنها تتحمّل مسؤولية فشل الآخرين، وتعمل القيادة على مبدأ الإيحاء والإلهام لفريق العمل، وفي حال وجود أخطاء فدورها يقوم على معالجة أخطاء الآخرين، كما يُؤخذ على الإدارة انشغالها بالتفاصيل في حين تُعنى القيادة بالإطار، وبالتالي فإن ما يهمّ الإدارة هو الأسلوب لا النتيجة.
ونوّه المصطفى بأهمية دور الإدارة في وضع خطط بديلة لمواجهة التغيّرات غير المتوقعة واختبار البدائل الممكنة للوصول إلى الهدف، مع دراسة الاحتمالات المتاحة من أجل مواجهة التحديات، والتقليل من التهديدات التي تؤثّر على العمل، متسائلاً عن سبب وضع الخطط دوماً من الأعلى للأدنى بدلاً من العكس، خاصّة وأن الصحيح هو أن تقترح المستويات التنفيذية الخطط السنوية.