دراساتصحيفة البعث

البيانات الأممية لا توقف نزيف الدم في غزة

د. معن منيف سليمان

عدّ مسؤولون كبار في الأمم المتحدة في بيان مؤخراً أن كافة سكان شمالي قطاع غزة معرّضون لخطر الموت الوشيك بسبب المجاعة والعنف، واصفين الوضع بالـ”مروع”، وأن قوات الاحتلال الصهيوني قصفت المستشفيات واحتجزت العاملين في المجال الطبي، وأخلت وأحرقت أماكن الإيواء، ومنعت المسعفين من إنقاذ الناس من تحت الأنقاض، معبّرين عن “الصدمة” جراء مستويات القتل والإصابات والدمار، جاء ذلك فيما قتل وأصيب عشرات الفلسطينيين جراء قصف إسرائيلي استهدف مناطق متفرقة في القطاع.

ووقّع البيان رؤساء وكالات الأمم المتحدة المكلفة بالشؤون الإنسانية والصحة والغذاء والحقوق والهجرة واللاجئين والتنمية والطفل والمرأة وغيرها.

وذكر البيان أن “المنطقة تحت الحصار منذ حوالي شهر، وهي محرومة من المساعدات الأساسية والإمدادات المنقذة للحياة في الوقت الذي يستمر فيه القصف والهجمات الأخرى. وفي الأيام القليلة الماضية فقط، قُتل مئات من الفلسطينيين، معظمهم من النساء والأطفال، وتمّ تهجير الآلاف مجدداً قسراً”.

وشدّدوا على أن “المساعدات الإنسانية لا تواكب حجم الاحتياجات بسبب القيود المفروضة على الوصول، وأن السلع الأساسية المنقذة للحياة غير متوفرة، كما أن العاملين في المجال الإنساني غير آمنين للقيام بعملهم، وتمنعهم القوات الإسرائيلية وانعدام الأمن من الوصول إلى المحتاجين”.

وقال المسؤولون الأمميون إن “المنطقة بأكملها على حافة الهاوية”، مشدّدين على أن “الوقف الفوري للأعمال العدائية ووقف إطلاق النار المستدام وغير المشروط أمران طال انتظارهما”.

وأضافت اللجنة المشتركة بين الوكالات الأممية أن “على إسرائيل الامتثال للأوامر المؤقتة ولقرارات محكمة العدل الدولية”.

وأعرب “أنطونيو غوتيريش”، الأمين العام للأمم المتحدة، عن “الصدمة” إزاء المستويات المروعة من الموت والإصابات والدمار في شمالي قطاع غزة. وقال: “حوصر المدنيون تحت الأنقاض، وحُرم المرضى والجرحى من الرعاية الصحية المنقذة للحياة، وتفتقر الأسر إلى الغذاء والمأوى، وسط تقارير واردة للأمم المتحدة تؤكد على تشتّت الأسر واعتقال العديد من الأشخاص”.

وفي السياق نفسه، قال متحدث الأمم المتحدة “ستيفان دوجاريك” إن الحصار الإسرائيلي يحول دون تقديم خدمات الإغاثة إلى شمالي قطاع غزة. وأضاف أن “مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية حذّر من وقف كافة عمليات تسليم المساعدات إلى شمالي قطاع غزة وإنهاء جميع خدمات الإغاثة”.

ولفت المتحدث الأممي إلى أن ما يقرب من 100 ألف فلسطيني نزحوا مؤخراً من شمالي قطاع غزة. وأوضح أن نحو 75 ألف شخص يعيشون حالياً في شمالي القطاع الذي يعاني انقطاعاً في الكهرباء والوقود منذ مطلع تشرين الأول الماضي.

وفي هذا السياق، وصف “أندريا دي دومينيكو”، مدير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتش” في فلسطين، الوضع الإنساني في شمالي قطاع غزة بأنه “مروع”، وأن التصعيد والحصار على مخيم جباليا تسبّب في كارثة إنسانية. وقال “دي دومينيكو”: “إن سكان الشمال يتحملون أهوالاً لا تُوصف، وهناك الكثيرون من الأشخاص محاصرون، وأن التأخير في إنقاذهم يزيد من أعداد الضحايا بشكل يومي، وأن هناك من هم تحت الأنقاض في ظل عدم تمكّن فرق الإنقاذ من الوصول إليهم.

وقال الدفاع المدني الفلسطيني إن نحو 100 ألف شخص محاصرون في جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون في شمال قطاع غزة دون إمدادات طبية أو غذائية.

وقالت مسؤولة أممية إن “ما تفعله القوات الإسرائيلية في شمالي القطاع المحاصر لا يمكن السماح باستمراره.. وإن كلّ سكان شمالي القطاع معرّضون لخطر الموت”.

القائمة بأعمال وكيل أمين عام الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية “جويس مسويا” قالت في بيان صحفي: “إن مئات الفلسطينيين قتلوا، فيما أُجبر عشرات الآلاف على الفرار مرة أخرى”.

وأضافت أن “المستشفيات قُصفت والعاملين في المجال الطبي اُحتجزوا، وأماكن الإيواء أُخليت وأُحرقت، والمسعفين مُنعوا من إنقاذ الناس من تحت الأنقاض، والأسر فُصلت عن بعضها، والرجال والفتيان يُؤخذون بعيداً مكدسين في الشاحنات”.

وكان مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان “فولكر تور” قال في بيان صحفي إن “أحلك لحظات الصراع في غزة تتكشّف في شمالي القطاع”.

وأضاف أن “الوضع يزداد سوءاً يوماً بعد يوم بشكل لا يمكن تصوره. سياسات الحكومة الإسرائيلية وممارساتها في شمالي القطاع تهدّد بإفراغ المنطقة من جميع الفلسطينيين”.

بدوره، حذّر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، من أن الوضع “كارثي” في شمالي قطاع غزة الذي دمرته الحرب، مع “عمليات عسكرية كثيفة تحصل داخل مؤسّسات صحية وحولها”.

وقال “تيدروس أدهانوم غبرييسوس” في منشور على إكس، إن “الوضع في شمالي قطاع غزة كارثي”، لافتاً إلى أن “نقصاً خطيراً في اللوازم الطبية، يضاف إليه وصول محدود للغاية (لهذه اللوازم)، يحرمان أناساً من علاجات حيوية”.

وأشار خصوصاً إلى مستشفى كمال عدوان، آخر مستشفى لا يزال يعمل في شمالي قطاع غزة الذي هاجمته قوات إسرائيلية، بحسب وزارة الصحة في غزة.

ووصفت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الأوضاع في شمالي قطاع غزة بأنها “مأساوية للغاية”، وقالت إنه يتعيّن توفير ممر آمن للأشخاص الذين يرغبون في مغادرة أماكنهم.

وأضافت في بيان “أوامر الإخلاء المستمرة والقيود المتواصلة على إدخال الإمدادات الأساسية تترك بقية السكان المدنيين في شمالي قطاع غزة في ظلّ ظروف مروعة”.

بدورها، أعلنت منظمة “أطباء بلا حدود” فقدان أحد جراحيها في مستشفى كمال عدوان. وأضافت “تعرّض المستشفى والمناطق المحيطة به لعمليات عسكرية مكثفة من قبل القوات الإسرائيلية، وتشير التقارير الإعلامية الأخيرة إلى اعتقال الكثير من أعضاء الفريق الطبي صباح يوم 26 تشرين الأول”.

وبدأت قوات العدو الصهيوني عملية عسكرية واسعة النطاق في شمالي قطاع غزة الشهر الماضي. وتقول الولايات المتحدة إنها تراقب الوضع للتأكد من أن تصرفات “إسرائيل” على الأرض تظهر أنها لا تنتهج “سياسة التجويع” في شمالي القطاع.