اقتصادصحيفة البعث

قراءة اقتصادية في بيان الحكومة وموازنتها

أ. د حيان احمد سلمان

صدر المرسوم الجمهوري رقم /232/ تاريخ 23/9/2024 القاضي بتشكيل الحكومة الجديدة برئاسة السيد الدكتور محمد غازي الجلالي، وقدمت الحكومة بيانها وموازنتها إلى مجلس الشعب (السلطة الدستورية العليا) في الموعد الدستوري المحدد، حيث أكدت المادة /76/ من الدستور على أن تقدم الوزارة بيانها خلال /30/ يوم من تأسيسها، أما الموازنة فركزت المادة /79/ على تقديمها قبل /2/ شهر من بدء السنة المالية القادمة أي سنة /2025/، وقيل وكتب الكثير عن ذلك من قبل المهتمين بالشأن الاقتصادي في الداخل والخارج، وتنوعت الآراء ما بين سلبية وإيجابية، وبما ان علم الاقتصاد هو علم الواقع فبرأينا حسناً فعلت الحكومة بالالتزام بالمواعيد الدستورية رغم الظروف القاسية والتحديات الكبيرة التي تواجهها بعد مرور /13/ سنة على الحرب على سورية.

ركز البيان على الواقعية والشفافية وكما وجه السيد الرئيس بشار الأسد للحكومة بقول سيادته “فإذاً أولُ طريق لنسهِّل عملَ الحكومة في هذه الظروف الصعبة هي أن تكون هذه الحكومةُ حكومةَ الواقع لا حكومةَ الأحلام”، وانطلاقاً من هذا تم البدء بتوصيف الواقع الاقتصادي ومشكلاته من “معدلات نمو اقتصادية ضعيفة وخلل هيكلي واضح في مقومات وحوامل النمو الاقتصادي – ضعف الموارد وخروج جزء منها من الإنتاج وتراجع مساهمة القطاعات الإنتاجية في الناتج المحلي الإجمالي-  ارتفاع تكاليف الإنتاج وبالتالي الأسعار ومعدلات التضخم وسعر الصرف وتآكل القوة الشرائية لليرة السورية….الخ”، ولمعالجة هذه المشاكل أكد البيان على ضرورة اعتماد الإدارة المثلى والعقلانية للموارد المتاحة، ومنظومة إدارية متطورة ومحاربة الهدر والفساد للوصول إلى الكفاءة الأعلى والعائد الأكبر، أي ربط “النفقة بالمردودية والانتقال من إدارة الأزمات إلى الخروج منها” وزيادة كفاءة توجيه مخصصات موازنة سنة /2025/ والبالغة / 52600/ مليار ل.س بزيادة قدرها /48%/ عن موازنة سنة /2024/ البالغة /35500/ مليار ل.س مترافقة مع واقعية سعر الصرف وزيادته من /11500/ إلى /13500/ ل.س للدولار الواحد، وزادت مخصصات الموازنة بالقطع الأجنبي أيضا من /3،1/ مليار دولار إلى /3،9/ مليار دولار حسب أسعار الصرف المعتمدة رسميا، كما تم التوجه لتقليل العجز الموازني أي الفارق بين “الإيرادات الكلية والنفقات الاجمالية من /26%/ إلى /21%/ “، ونرجو أن تكون الخطوة الأولى في معالجة عجز الموازنات القادمة من خلال زيادة معدل النمو الاقتصادي، وبالتالي قيمة الناتج المحلي الإجمالي ولا سيما مع زيادة المخصصات الاستثمارية من /25%/ إلى /30%/.

وصرح السيد وزير المالية بأن الإيرادات المقدرة في مشروع موازنة سنة /2025/ هي / 41550/ مليار ل.س بزيادة عن سنة /2024/ بنسبة /58%/، ولذلك يمكن تحقيق ذلك من خلال إجراءات حكومية صارمة للاستغلال الأمثل لمواردنا المتاحة والكامنة وزيادة سلاسل القيم المضافة الاقتصادية في القطاعين الإنتاجي والخدمي مثل تقليل التهرب الضريبي في القطاع الخاص والمشترك – زيادة الأرباح الاقتصادية للقطاع الحكومي وخاصة الإنتاجي وتحويل الشركات الخاسرة إلى رابحة  وترسيخ ثقافة الإنتاج – إدارة أملاك الدولة المتاحة- زيادة عائدية ومردودية الاستثمارات وترتيب الأولويات وبخطط زمنية ومكانية تعتمد استغلال كل م2  وطاقة إنتاجية متاحين- تحويل المزايا النسبية المتاحة إلى مزايا تنافسية لتحسين رؤوس المربع الاقتصادي الذهبي المتمثل في زيادة قيمة الناتج المحلي الإجمالي ومتوسط دخل الفرد وتخفيض معدلي البطالة والتضخم، وهذا يتطلب معالجة الفجوة التسويقية بين الطلب الكلي والعرض الإجمالي من السلع والخدمات في السوق وهو ترمومتر أو ميزان حرارة المجتمع الاقتصادية عن طريق دعم القطاع الإنتاجي الزراعي والصناعي ومعالجة هجرة الشباب وتفعيل عمل القطاعين الوطنيين الحكومي والخاص وتعميق التشاركية ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتطوير البنية التشريعية المتعلقة بهما وزيادة التشبيك بين قطاعي الزراعة والصناعة وتأسيس قطاع خدمات داعم لهما وضبط الإيقاع بين مكونات السياسة الاقتصادية من نقدية ومالية واستثمارية وتجارة خارجية والتعامل مع سعر الصرف كنتيجة وليس سبب وتعزيز الإصلاح الإداري على أساس تعظيم القيم المضافة والربح والربحية وتعزيز الرقابة والاهتمام بالتغذية المرتدة لتقييم نتائج العمل لزيادة الكفاءة الاقتصادية والاعتماد على عمل الوحدات الإدارية وتعزيز اللامركزية والتنافسية والتوجه شرقا وخاصة مع البريكس والاتحاد الأوراسي ومنظمة شنغهاي وغيرها، وهذا يساعدنا في مواجهة الإرهاب الاقتصادي على سورية من عقوبات وحصار جائرين مفروضين من طرف واحد ومخالفين للشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة…الخ، وبالتالي نرى أن البيان وصف الواقع ووضع الحلول المناسبة وهذا هو الطريق البيان الوزاري ومواجهة التحديات الحالية والمستقبلية بما يضمن تفعيل الدورة الاقتصادية وتحسين كل المؤشرات وفي مقدمتها تحسين مستوى المعيشة.