ترامب من جديد رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية
ريا خوري
فاز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأمريكية، بعد أن ألحق هزيمة ثقيلة بمرشحة الحزب الديمقراطي كامالا هاريس خلال معركة انتخابية شهدت الكثير من التحديات والاستعراضات والمعارك الكلامية. كان ذلك بعد أربع سنوات على تركه البيت الأبيض إثر خسارته أمام الرئيس الديمقراطي الحالي جو بايدن.
خلال الأربع سنوات الماضية شهد العالم تغيرات كبيرة وجوهرية في بنية العلاقات الدولية والسياسة العالمية، حيث كانت الظروف الدولية خلال ولايته الأولى من عام ( 2016 حتى عام 2020 ) قد تغيَّرت، وجرت تحولات عالمية هامة، فقد كانت الحرب الأوكرانية عام 2022 والحرب التي شنتها قوات العدو الصهيوني على قطاع غزة ولبنان، إضافة إلى تصاعد التوتر في بحر الصين الجنوبي، وفي شبه الجزيرة الكورية، وحالة التردد والتذبذب وعدم اليقين في الموقف الأوروبي من الحرب الأوكرانية، والعلاقات الدولية عبر الأطلسي.
كما كان هناك عدد من القضايا التي استجدت خلال أربع سنوات اتصفت بالسخونة. تلك القضايا والتحديات هي التي سيواجهها ترامب عند وصوله إلى البيت الأبيض، والتي ستضعه تحت المجهر حيث يتابع العالم كيف سيحقق ترامب شعاره (أمريكا دولة عظمى من جديد)، وكيف سيتمكن من تنفيذ ما وعد به أثناء حملته الانتخابية، خاصةً وعوده المتكرِّرة بإنهاء الحرب الدائرة في أوكرانيا، والحرب التي تشنها قوات الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة ولبنان، وكيف سيدير علاقاته السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية مع أوروبا وحلف شمال الأطلسي ( الناتو) والصين، إضافة إلى كيفية بناء العلاقات الأمريكية مع جمهورية كوريا الديمقراطية؟.
ترامب أكَّد وما زال يؤكّد أنّ الولايات المتحدة الأمريكية ما زالت قوية، على الرغم من كل ما اعتراها من قلق ووهن وضعف في السنوات الماضية من حكم الديمقراطيين وعلى رأسهم جو بايدن، كون الولايات المتحدة تعيش في عصر فريد من نوعه، متكئاً على اعتقاده أنّ الولايات المتحدة الأمريكية أصبحت أكثر قوةً ومنعةً من الدول الرائدة في الماضي، فمع امتلاكها ما يزيد على خمسة بالمائة من سكان العالم، فإنّها تمثل نحو خمس وعشرون بالمائة من الثروة العالمية، وأربعون بالمائة من الإنفاق العسكري العالمي، وخمس وثلاثون بالمائة من الابتكار العالمي، وهي موطنٌ لنحو ستمائة من أكثر من ألفي شركة ربحية في العالم، وتمتلك خمسمائة وسبع وثمانون قاعدة عسكرية منتشرة عبر اثنتين وأربعين دولة. وكونها متحالفة مع ثمانية وستون حليفاً رسمياً، فهي الدولة الوحيدة القادرة على خوض حروب كبرى خارج منطقتها الأصلية.
بعد أن تأكّد من حصوله على مئتان وسبع وسبعون مقعداً في المجمع الانتخابي من أصل خمسمائة وثمان وثلاثون صوتاً، ألقى دونالد ترامب خطاب انتصاره، حيث أعلن مخاطباً أنصاره: “لقد كتبنا التاريخ هذه الليلة”، مستعرضاً بعض الخطوات الداخلية التي سيقوم بها كرئيس للولايات المتحدة بقوله: “سنغلق الحدود أمام المهاجرين غير الشرعيين، وسنساعد أمريكا على التئام الجروح، وسنصحح وضع حدودنا مع الدول المجاورة، وسأصارع من أجل عائلاتكم ومن أجلكم ومن أجل المستقبل الذي يستحقه أبناؤنا”، لكنه تجنب في هذا الخطاب الخوض في القضايا الدولية وهي هامة في السياسة الخارجية الأمريكية.
الجدير بالذكر أنّ ترامب حدّد معالم سياسته المقبلة، حيث أكّد على تغيير مسار الحرب في أوكرانيا، كما ألمح دون تفصيل إلى طبيعة العلاقة مع حلف شمال الأطلسي ( الناتو) وكذلك الدول الأوروبية.
أما العلاقات الصينية –الأمريكية يبدو أنها لن تكون على ما يرام، حيث ينوي شن حرب اقتصادية شرسة بعدما أعلن أنّه سيفرض تعرفة ثابتة بنسبة ستين بالمائة على جميع الواردات الصينية. وبخصوص الحرب في الشرق الأوسط، فقد لاحظنا أنّ مجرم الحرب نتنياهو كان أول المهنئين له بالفوز قائلاً: “عودتك بداية جديدة”.
الملفت للنظر أنه في خضم ما يجري من تداول خطابات ومواقف وتصريحات، نجد أنَّ الجالية العربية في مدينة ديربورن بولاية ميشيغان قد رحّبت بشكلٍ صريح وواضح بخسارة المرشحة الديمقراطية هاريس، بعدما كان ممثلو الجالية العربية قد دعوا لمعاقبتها وإدارة الرئيس جو بايدن لدعم الكيان الصهيوني عسكرياً وسياسياً وأمنياً ولوجستياً وماليا، لذلك فإنَّ قسماً كبيراً من الجالية العربية صوّت لصالح دونالد ترامب أو للمرشحة المستقلة جين شتاين. ويرى كبار المسؤولين في الجاليات العربية أنّ الرئيس الفائز في الانتخابات الرئاسية الحالية -دونالد ترامب- قد وعدهم في أثناء حملته الانتخابية بوقف الحرب إذا ما تم انتخابه رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية، ويعتقدون أيضاً أنَّ الجمهوريين لا يخلقون الحروب ولا يصرفون المال من أجل تمويل حروب خارجية، متناسين أبشع الحروب التي شنهتها الولايات المتحدة تحت حكم بوش الأب وبوش الابن في العراق وهما من الحزب الجمهوري، وأنّ ترامب هو من نقل سفارة الولايات المتحدة الأمريكية إلى القدس.