الاتحاد الأوروبي يضع الحرب التجارية مع الصين على المحك
عائدة أسعد
في جلسة تأكيد برلمانية يوم الاثنين الماضي، أظهر ماروس سيفكوفيتش، رئيس التجارة المنتظر في الاتحاد الأوروبي، موقفه الصارم بوضوح بشأن قضايا التجارة بين الاتحاد الأوروبي والصين.
وقد وصف, السياسي السلوفاكي الذي سيكون أيضاً مفوض الأمن الاقتصادي، إذا حصل على تصويت من أعضاء البرلمان الأوروبي في وقت لاحق من هذا الشهر، الصين بأنها ثالث أكبر شريك تجاري وأكثرها تحدياً، وتعهد بإعادة التوازن للعلاقات وأن يكون أكثر حزماً في تحدي الإختلالات البنيوية والممارسات غير العادلة، بما في ذلك السياسات غير السوقية التي تدفع إلى زيادة القدرة الإنتاجية.
وفيما يتعلق بالمفاوضات الجارية بين الصين والاتحاد الأوروبي بشأن التعريفات الجمركية المناهضة للدعم التي فرضها الاتحاد الأوروبي على المركبات الكهربائية المصنعة في الصين منذ 30 تشرين الأول الماضي، بدا سيفكوفيتش وكأنه لم يفهم النقطة الأساسية، حيث قال إن المفوضية الأوروبية تأمل في تجنب أي انتقام صيني آخر من خلال الحوار، في حين تركز المشاورات الحالية على ما إذا كان يمكن للجانبين الاتفاق على الحد الأدنى لأسعار المركبات الكهربائية المصنعة في الصين في سوق الاتحاد الأوروبي.
وهنا يجب تذكير رئيس التجارة المستقبلي للاتحاد الأوروبي بأن مسؤوليته الأساسية هي خدمة مصالح الكتلة من خلال تعزيز التنمية الصحية والمستقرة لعلاقاتها الاقتصادية والتجارية مع شركائها التجاريين الرئيسيين، بما في ذلك الصين لأن التكامل القوي بين تجارة الصين مع الاتحاد الأوروبي، وتجارة الولايات المتحدة معها يعني أن الكتلة لن تضر إلا بمصالحها الخاصة من خلال منع الواردات من الصين، والتي لا يمكنها إيجاد بديل مناسب لها.
وعليه يتوجب على سيفكوفيتش، الحليف الوثيق لرئيسة المفوضية الأوروبية المؤيدة للولايات المتحدة أورسولا فون دير لاين في القضايا المتعلقة بالصين، أن يدرك جيداً أن استهداف السيارات الكهربائية المصنوعة في الصين هو خطوة ذات دوافع سياسية تضر بالاتحاد الأوروبي نفسه أكثر من أي شيء آخر، حيث يتعين على المستهلكين دفع أسعار أعلى، ويتم عزل شركات صناعة السيارات في الاتحاد الأوروبي عن فرص التعاون مع الشركاء الصينيين المتقدمين، ويبطئ التحول الأخضر في الاتحاد الأوروبي، ناهيك عن الأضرار الناجمة عن التدابير المضادة التي اتخذتها الصين ضد المنتجات من الاتحاد الأوروبي.
كما أن الأدوار السيئة التي اضطلع بها المتملقون في واشنطن وفي الاتحاد الأوروبي هي التي دفعت أبطال التجارة الحرة والأسواق المفتوحة والشمول والاستقلال إلى الضلال، والتضحية بمصالح الاتحاد الأوروبي، ومبادئه على مذبح الهيمنة الأمريكية، فقد تعرض الاتحاد الأوروبي لضغوط متزايدة من الولايات المتحدة، التي كانت تضغط عليه لبناء جدار معارضة، وتشكيل جبهة موحدة ضد المنتجات والقطاعات الصينية التي تتفوق على تلك التي تنتجها الولايات المتحدة.
وعلى الرغم من ادعاء سيفكوفيتش بالقول: “إن الاتحاد الأوروبي ليس مهتماً بالحروب التجارية ونحن نبحث عن إعادة التوازن لعلاقاتنا مع الصين”، فإن ما يفعله الاتحاد الأوروبي كما يتضح من تحركاته الحمائية بشأن السيارات الكهربائية المصنوعة في الصين هو دفع العلاقات الاقتصادية المربحة للجانبين بين الصين والاتحاد الأوروبي إلى حرب تجارية، من خلال محاولة إعادة ضبط العلاقات الصحية بخلاف ذلك كما تملي واشنطن.
ومن عجيب المفارقات أنه عندما تستهدف الولايات المتحدة، التي تضع أميركا في المقام الأول، الواردات من الاتحاد الأوروبي، وهو الأمر الذي لم تتخذ الصين المبادرة للقيام به قط، فإن وكلاء واشنطن في بروكسل يكتفون بالصمت المدروس.