أحمد سوار يخط “حروف من نور”
ملده شويكاني
والله ما طلعت شمس ولا غربت
إلا وذكرك مقرون بأنفاسي
وما شربت لذيذ الماء من ظمأ
إلا رأيت خيالاً منك بالكاس
أبيات الحلاج الشهيرة خطّها الفنان المهندس أحمد سوار بلوحة خطية كلاسيكية بالحبر الأسود على خلفية بيضاء مع تموجات قليلة باللونين الأصفر والبنفسجي، وزيّنها بزخارف نباتية في الزوايا شغلت مكانها في معرضه المعنوّن بـ”حروف من نور” في المركز الثقافي العربي في -أبو رمانة-.
وخصّص سوار هذا المعرض للوحاته الخطيّة التي استمد غالبيتها من آيات القرآن الكريم والأذكار وبعض الأبيات من الشعر العربي القديم، معتمداً على النمط الكلاسيكي بصياغة لوحة خطيّة بحتة، وباحثاً عن الجديد بعد معارضه السابقة التي دمج فيها بين الخط والتكوينات التشكيلية المرسومة بأسلوب تعبيري بسيط، ولاسيما في معرضه عن دمشق، الذي تألقت فيه أشعار نزار قباني، فارتأى أن يعرض لوحات عدة منها في هذا المعرض في ركن خاص لإغنائه بهذه الأشعار الرائعة.
وبدت جمالية لوحاته الخطية بقوة الخط وتشكيلاته المحاطة بزخارف إسلامية ونباتية وأشكال هندسية، فاتصفت بعض اللوحات بفنية مباشرة، في حين استخدم في غالبية اللوحات تقنية دمج الخطوط والألوان ما أتاح الفرصة للمتلقي لقراءة أنواع مختلفة من الخطوط، منها آية رقم 2 من سورة الحديد “له ملك السموات والأرض يحيي ويميت وهو على كلّ شيء قدير”، ضمن دائرة بألوان متعدّدة غلب عليها الأخضر ومحاطة بزخارف إسلامية.
ومن أجمل اللوحات، لوحة الفاتحة والمعوذات مع الزخارف النباتية، فشغلت البسملة منتصف اللوحة، واكتملت سورة الفاتحة بشكل هندسي محاطة بسورتي الإخلاص والفلق.
كما عرض الفنان لوحة حاكى فيها أستاذه الخطاط المرحوم حلمي حباب بخطه للوحته للآية الكريمة “لئن شكرتم لأزيدنكم” كما خطها بالتكوين والضبط بالشكل والشدات باللون الأصفر على خلفية قاتمة.
وفي جانب آخر، عرض بعض لوحات أشعار نزار قباني، منها:
آه يا شام كيف أشرح ما بيّ
وأنا فيك دائماً مسكون
جاء تشرين يا حبيبة عمري
أحسن الوقت للهوى تشرين
وتميّزت اللوحة برسم بورتريه لنزار قباني بشكل تعبيري بسيط مع تموجات اللون الأخضر.
كما خطّ ألقاب مدينة دمشق بلوحة خطية بألوان مختلفة ومحاطة بزخارف نباتية إيماءة إلى شهرة دمشق بأزهارها وورودها وياسمينها، فخطّ “دمشق” و”الفيحاء” و”قرية المسرة” و”عين الشرق كله”.
وفي حديثه مع “البعث” أوضح سوار أن العنوان يدلّ على المضمون فـ”حروف من نور” هي آيات من القرآن الكريم وكانت محور هذا المعرض بأحجام مختلفة، فعرضتُ لوحات مؤطرة وأخرى ورقية، بالإضافة إلى أبيات من الشعر العربي القديم الصوفي وبعض أشعار نزار قباني من معرضي السابق.
وقد اخترتُ نمط الكلاسيك بالقصبة والقلم في أغلب اللوحات بصياغة لوحة خطيّة بحتة تبنى على قوة الخطّ، بعيداً عن اللوحة التشكيلية التي يدخل ضمن عناصرها الخط، وتتطلّب التوازن بين التمكن من الخط العربي وبقية التكوينات، فإذا كان الخط قوياً ومتقناً وبقية التكوينات ضعيفة تفشل اللوحة وكذلك العكس، حتى الإطار يعدّ عنصراً مكملاً للوحة.
أما عن الألوان، فأشار إلى أنه استخدم في بعض اللوحات ألواناً بسيطة فتكاملت ألوان الغواش مع الأحبار.
وعقب عن أنواع الخطوط بأنه استخدم الخطوط الأساسية النسخ والرقعة والديواني والنستعليق والثلث والكوفي، منوّهاً بمهارة الخطاط باختيار حجم الكلمة ونوع الخط، فالبسملة تكون بخط والآية تكون بخط آخر بتشكيلات متداخلة، كذلك الألوان يجب أن تكون مدروسة ومتناسقة مع بعضها.
وبيّن أن الهدف من المعرض هو نشر فنّ الخطّ العربي الذي يعدّ جزءاً من لغتنا وثقافتنا للجيل الحالي، هذا الفن المتواتر زمنياً من جيل إلى آخر ويعتمد على قواعد مدروسة لا يمكن الإضافة إليها كونها ثابتة، لكنه من الممكن إضافة جماليات.
وتمتاز سورية بوجود خطاطين مخضرمين أساتذة بالخطّ على مستوى رفيع، منهم عدنان شيخ عثمان وغيره، كما يوجد بعض الشباب المبدعين الذين يحتاجون إلى تسليط الضوء على أعمالهم،
كما توقف عند الصعوبات المادية التي يواجهها الفنان بإقامة معرض فردي، لذلك تكون المشاركات الجماعية أكبر ومن خلالها يطلع على أعمال الآخرين، ولوزارة الثقافة -المراكز الثقافية- دور كبير في تطوير عمل الفنان من خلال المشاركات الجماعية وتسهيلات إقامة المعارض الفردية، ما يخلق نوعاً من التحفيز للفنان أو الخطاط.