الثقافة والشباب وصناعة الوعي
حلب ـ أسماء خيرو
بحسومات وصلت إلى الأربعين بالمائة، افتتح عماد الدين غضبان عضو قيادة فرع حلب لحزب البعث العربي الاشتراكي فعاليات “معرض قرطبة للكتاب ” الذي تنظمه “جامعة قرطبة” في حلب بالتعاون مع مديرية الثقافة، وفرع حلب لاتحاد الكتاب العرب و”دار المنار للنشر”.
وتضمن المعرض الذي أقيم في مقر جامعة قرطبة في المحافظة 250 عنوان بمضامين ثقافية وأدبية وسياسية وتاريخية وفلسفية، فضلاً عن روايات وكتب ومجموعات قصصية ودراسات وأبحاث باللغة الإنجليزية تهم الشباب وتعزز القيم والهوية الوطنية.
ويرافق المعرض برنامج علمي غني يتضمن سلسلة من المحاضرات والندوات والجلسات حوارية يقدمها عدد من الأدباء والمفكرين وأعضاء الهيئة التدريسية في الجامعة، وتناقش موضوعات مختلفة في مجالات عدة.
ولفت عضو المكتب التنفيذي لاتحاد كتاب للعرب فاروق اسليم إلى أن المعرض يعد نافذة لطلاب الجامعات الخاصة ليطلعوا على بعض ما في سورية من مطبوعات تمثل الثقافة السورية التي يراد لها أن تنتشر في المجتمع كثقافة توازي الفكر، منها ما هو إبداعي وفكري ومنها ما هو نقدي وتاريخي وفلسفي وغير ذلك بأسعار رمزية جداً ومناسبة للجميع.
وأشار مدير الثقافة في حلب جابر الساجور إلى أن المعرض يضع الكتاب في متناول أصحاب الأبحاث العلمية وذوي الإبداع الثقافي للاطلاع على آخر الإصدارات سواء في الجمهورية العربية السورية أم في خارج القطر التي ترد إلى مراكز النشر، مبيناً أن مطبوعات وزارة الثقافة مدروسة بشكل علمي وتناسب جميع شرائح المجتمع من طلبة وباحثين ومثقفين والمعرض نتاج فريق عمل متكامل وتشاركية للنهوض في المجتمع ورفع الذائقة الفكرية والثقافية في المجتمع بشكل عام وخاصة لدى شريحة الشباب.
وتكمن أهمية المعرض وفقاً لرئيسة الجامعة الدكتورة رولا قديد في اجتماع والتقاء المهتمين والباحثين للاطلاع على المستجدات العلمية والثقافية لـ 250عنوان بمضامين مختلفة، حيث يرافق المعرض مجموعة من الندوات والمحاضرات والعلمية مقدمة من عدد من الناقدين والباحثين وأعضاء الهيئة التدريسية في جامعة قرطبة من شأنها رفع السوية الفكرية وصقل المعارف ونشر الثقافة.
ويأتي المعرض بحسب رئيس فرع حلب لاتحاد الكتاب العرب الدكتور نذير جعفر ضمن خطة اتحاد الكتاب العرب بالتعاون مع وزارة الثقافة للانفتاح على الجامعات، حيث أقيمت في دمشق وغيرها من المحافظات السورية عدد من الفعاليات والآن في حلب تقام سلسلة من المحاضرات، مترافقة مع معارض كتب في الجامعات تستهدف القطاع الشبابي لكونه قطاع مهم جداً، “واليوم نتوجه إليه بكل إمكانياتنا وبأسعار مخفضة والمحاضرات نوعية تهم الشباب في مجالات اختصاصهم وأعمارهم وتوجههم لثقافي، لذلك نحن الآن في جامعة قرطبة نقيم هذا المعرض ضمن التوجه العام لاتحاد الكتاب لتعزيز العلاقة بيننا وبين المؤسسات التعليمية وعلى رأسها الجامعات في سورية”.
وأكد عدد من الزوار ومن بينهم محمد كويس وسارة أتش أوغلي أن المعرض طرح عناوين متنوعة في ميادين الأدب المختلفة ولكتاب معروفين في سورية والوطن العربي وبأسعار منافسة تكاد تكون شبه مجانية، مبيناً أن المعرض يعد فرصه للتزود المعرفي، فضلاً عن الاطلاع على كتاب جدد وأسماء غير معروفه.
ومن النّدوات التي أقيمت بالتّوازي مع معرض الكتاب، ندوة حوارية بعنوان “الثقافة والشباب” بإدارة جابر الساجور مدير ثقافة حلب، واستهل الدكتور فاروق اسليم الندوة بالإشارة إلى أن “الثقافة تمثل البعد العميق لأي إشكالية في الوطن سورية، ولابد في سياق قراءة الواقع ولما يعانيه ولما يجب أن يكون علية، من وقوف المجتمع كثيراً عند حالنا الثقافي أن نقرأ وعينا وأن نقوم دائماً بتصحيح هذا الوعي، وترويجه بين الشباب، لكون الشباب هم أكثر معاناة لمسألة التشظي والأفق المتعب لأسباب مادية ومعنوية لذلك كان اللقاء حوارياً بامتياز مع الشباب لكي نستمع إليهم ونناقشهم في القضايا التي تهمهم”.
وتطرق الدكتور اسليم إلى تعريف مفهوم الثقافة في التاريخ العربي والمثقف والمثقف وعلاقة المثقف بالسلطة، وكيف تتكون الثقافة؟ وكيفية صناعة وعي ثقافي لدى الشباب؟ ومتى يكون المثقف مؤثراً في المجتمع؟ النظرة العامة للإنسان المثقف قديماً والإشكاليات التي تعانيها سورية على الصعيد الثقافي، ومخاطر العولمة، وأهمية تطابق الفكر مع السلوك، وصناعة ثقافة لا تقوم على الإلغاء وغياب التسامح والمحبة في المجتمع، والتشاركية في الحفاظ وتعزيز الهوية الوطنية.
ونوّه الدكتور اسليم بشباب سورية، مؤكداً ضرورة تفعيل التواصل معهم أكثر والنظر إليهم نظرة إيجابية وخاصة الذين هاجروا الأراضي السورية لكونهم جميعهم وإن غادروا الوطن جزء من التكوين السوري وطنيون يمتلكون قدراً كبيراً من الثقافة والمعرفة، فضلاً عن الإمكانيات المادية والعلمية والإدارية كما أكد ضرورة مدّ الجامعات السورية جسور التواصل مع الطلبة الخريجين والبحث عن وجوه جديدة لإلقاء المحاضرات والعمل على تدريبهم على كيفية الجلوس خلف المنصة إدارة الحوار والنقاش.
وتحدث رئيس اتحاد الكتاب العرب فرع حلب نذير جعفر عن زيارته إلى العراق وحضوره “مهرجان الجواهري”، مشيراً إلى أن مشكلات الشباب جميعها تتشابه سواء في سورية أوم في الوطن العربي، مضيفاً: “فيما يتعلق بعلاقة الشباب مع الأدب في سورية فلا خوف على هذه العلاقة، إذ يحتل السوريون المراتب الأولى في كل العالم ناهيك عن حصدهم للجوائز الأولى في المسابقات الأدبية والعلمية، فقط المسألة تحتاج إلى تنظيم أكثر واهتمام أكثر لتعزيز الحركة الثقافية، وموضحاً أن اتحاد الكتاب العرب أصبح لديه توجّه على الأرض بإقامة نوادي شبابية في كل فرع من فروع الاتحاد لدعم المواهب الشابة المبدعة”.
وشدد جعفر على ضرورة تفعيل التواصل مع الشباب وتوطيد العلاقة معهم لكون هذه العلاقة تؤكد الانتماء وتدفع الشباب لثقافة التنوير والإيمان بالوطن وبالقيادة كما تؤكد أن سورية ستنهض على الرغم من الدمار والخراب الذي حل فيها بسبب الحرب العدوانية الظالمة التي شنت عليها ومازالت حربها الاقتصادية مستمرة.
كما تحدث جعفر عن جدوى الأدب وكيف يؤثر على الشباب ويصنع الحياة ويبنى الجمال ويرتقي بالنفس الإنسانية إلى مراتب النزاهة والسمو، لذلك يجب تبني المواقف الإيجابية اتجاه الشباب حتى في الخارج، لافتاً إلى أنه خلال زيارته للعراق اجتمع بنسبة كبيرة من الشباب السوري الذين هاجروا وهذا النزيف المستمر من الشباب أثّر كثيراً على حركة الأدب في المجتمع، متمنياً أن يتوقف هذا النزيف لإحراز التقدم في جميع المجالات، ومبيناً أن الجيل الجديد أكثر علماً وأكثر توجهاً إلى القضايا الاجتماعية والإنسانية، على عكس ما يروّج له بأنه جيل مهزوم، بل هو جيل لديه طاقات عظيمة حاضر حين نفتش عنه صمد وقاتل وما يزال مستمراً واتحاد الكتاب العرب لديه أمل كبير في استقطاب المزيد من المواهب الأدبية، إيماناً بأن الأدب يستطيع تشذيب النفس وينمي الانتماء وروح القتال والجهاد لأجل الوطن والاستشهاد في سبيله.