ثقافةصحيفة البعث

قبيل التّكريم.. قدسية مكرراً ذاته ومستنسخاً شخصياته في “أيوب”

حمص- آصف إبراهيم

بعد مشاركته في “مهرجان المونودراما المسرحي” بدورته الخامسة في مدينة حماة، يحلّ المسرحي زيناتي قدسية ضيفاً على مسرح قومي حمص في عرض المونودراما “أيوب”، تأليفاً وتمثيلاً وإخراجاً، بالتعاون مع رابطة حمص لاتحاد الكتّاب والصحفيين الفلسطينيين.

ويراوح قدسية في هذا العرض ضمن الأداء ذاته شكلاً ومضموناً، وكأنه بات يسعى إلى تسجيل الحضور ضمن المشهد المسرحي من دون انقطاع، حتى لو كان هذا الحضور يفتقد إلى المشروع المجدّد، في ظل الانحسار النوعي والكمّي للحركة المسرحية ،التي بلا شكّ نالت النصيب الأكبر من تأثيرات الأزمة، وشحّ الدعم الحكومي الذي دفع الكثير من المسرحيين إلى العمل ضمن إمكانيات مادية ومعنوية هزيلة، الأمر الذي أرخى بثقله على مريدي المسرح ممن تقطّعت بهم سبل الدراما التلفزيونية، لتصبح العروض المسرحية الخجولة ملاذهم الوحيد، يلتقون فيه مع عدد من الهواة غير المحترفين ليشبعوا عطشهم للفن الراقي والهادف.

والفنان والمسرحي العتيق زيناتي قدسية بتجربته الغنية واسمه المسرحي الرمز، بات في هذا الميدان وحيداً يحارب طواحين الهواء في فضاء مسرحي شبه مهجور.

ويقف قدسية اليوم أمام جمهور حمص العريق مسرحياً والمتفاوت عمرياً، حاملاً في جعبته الهمّ الفلسطيني الذي طالما شكل ديدنه الأوحد طيلة مسيرته الفنية الطويلة، ليحكي لنا عن بطولات وتضحيات الشعب الفلسطيني، ويسلّط الضوء على أشخاص عاديين عرفتهم المخيمات، ويوثق بطولاتهم، ويعرّف المتلقي على مآثرهم عبر تداعي ذاكرة “أيوب” الزاخرة بالقصص الشعبية عن حوادث الأرض المحتلة ومخيمات اللجوء، لتظلّ باقية راسخة في الذاكرة، تنتقل عبر أجيال تحمل راية النضال والتمسّك بالأرض، وهذا ما أراد “أيوب” تحقيقه، المحافظة على هذه الذاكرة التي يسعى العدو إلى محوها، وهو المغزى والهدف من العمل ككل، حيث يقول “من لا ذاكرة له لا تاريخ له، ولا وطن، وإذا لم يؤدِ الفن هذه الرسالة فإنه لن يصل إلى غايته الأسمى”.

وعلى الرغم من أن العرض يتسم بالتكرار والنمطية في الأسلوب الذي عوّدنا عليه قدسية، من حيث مخاطبة الجمهور لكسر حاجز الصمت وتحطيم الجدار الرابع والحركة الدؤوبة ضمن مساحة الخشبة للحفاظ على حيوية الإيقاع الدرامي عبر بذل مجهود كبير لإشغال المتلقي بفعل مسرحي يقظ دائماً، فإنه لا ينفك يكرّر ذاته ويستنسخ شخصياته في معظم عروضه السابقة، عذره في ذلك العمل ضمن مسرح فقير ركيزته الأساسية الممثل فقط الذي يفتقد إلى عناصر مساعدة يتكئ عليها.

ويأتي هذا العرض كبادرة تكريمية دعت إليها رابطة حمص للاتحاد العام للكتّاب والصحفيين الفلسطينيين لتقول: “شكراً قدسية أيها المناضل العتيق والعنيد بالفن والكلمة.. حملت رسالة شعب اقتلع من أرضه عنوة، فكنت خير ممثل لا يعرف اليأس ولا الخنوع”.

واختُتم العرض بتكريم الرابطة الفنان زيناتي قدسية تقديراً لمسيرته الفنية وما قدّمه للمسرح وللقضية الفلسطينية، وقد دأبت الرابطة على تكريم دوري للمبدعين في المحافظة.