قبل أن يصل الوضع إلى حالة أسوأ!!
غسان فطوم
من خلال الرصد الإعلامي لمجريات اجتماعات وتحركات حكومة الدكتور محمد غازي الجلالي على مدار الشهرين الماضيين، يتضح أن اللهجة أو لنقل الأداء تغيّر في التعامل مع الملفات الاقتصادية والمعيشية، وغيرها من الملفات الأخرى، وذلك قياساً بالفترة السابقة. واليوم كلنا بانتظار قطف الثمار، ويأتي هذا التغيير من وحي الكلمة التوجيهية للسيد الرئيس بشار الأسد للحكومة بعد أداء اليمين الدستورية، حيث أكد سيادته على أهمية “أن تكون الحكومة حكومة الواقع لا حكومة الأحلام.. لا أحد يريد سراباً”.
نتفق جميعاً أن اقتصادنا يعاني في القاع نتيجة إجراءات وتدابير سابقة خاطئة، ولا نبالغ لو شبّهناه بسفينة على وشك الغرق، وتحتاج إلى ربان ماهر يقودها إلى برّ الأمان، لذلك لا وقت لدى أصحاب القرار لاستهلاكه في التفكير والتمحيص في تقييم الواقع وتحليل نقاط الخلل والضعف، وخبايا وخفايا الفساد المالي والإداري، فكلّ شيء واضح ومعروف ومكشوف، ونحن على يقين بأن الحكومة تدرك أنه كلما تأخرنا بالإصلاحات كلما ازدادت المعاناة والتكلفة.
على سبيل المثال لا الحصر، فيما يتعلّق بتردي المستوى المعيشي، تعلم الحكومة أن أكثر من 80% من السوريين هم من ذوي الدخل المحدود، ويعلم فريقها الاقتصادي أن الرواتب الحالية لا يمكن أن تصمد أمام الارتفاع الجنوني للأسعار وانخفاض القيمة الشرائية لليرة، فهي بالكاد تكفي ليومين، فكيف سيعيش الموظف باقي الأيام؟
وما الشأن المعيشي سوى واحد من عديد الملفات الساخنة التي تحتاج لمعالجات سريعة قبل أن يصل الوضع السيئ إلى حالة أسوأ، الأمر الذي يستدعي ضبط ساعة العمل بدقة متناهية باعتماد استراتيجيات واضحة للإصلاح الاقتصادي وتعزيز الإصلاح الإداري أيضاً.
والسؤال هنا: ما هي الإجراءات والتدابير لإنعاش اقتصادنا وإخراجه من غرفة العناية المشدّدة؟
هناك ثوابت اقتصادية متفق عليها وتحتاج فقط لإدارة مبدعة للأزمات الاقتصادية افتقدناها طيلة العقود الماضية، وبهذا الخصوص يمكن استحضار مفردات دراسة سابقة لمجموعة من الخبراء والباحثين الاقتصاديين يمكن من خلالها إيجاد الوصفة الممكنة للعلاج، نذكر منها:
محاربة الفساد بين كبار المسؤولين عنه تحت شعار “لا غطاء لأحد مهما كبر شأنه”، والعمل على وضع خطة اقتصادية إصلاحية واضحة بالاعتماد على خبراتنا الوطنية، بعيداً عن “ثوب العيرة” الذي لم يكن يوماً يناسبنا.
ومن الإجراءات.. السيطرة على التضخم المتصاعد من خلال ضبط الأسعار وفتح أبواب المنافسة بين المستوردين ودخول منتجين جُدد، وإصلاح نظام الرواتب والأجور بالتدريج، من أجل دعم القوة الشرائية لليرة، مع ضرورة وضع نظام ضريبي تصاعدي تبعاً للدخل، والعمل الجديّ على دعم المشاريع المتوسطة والصغيرة من أجل إتاحة فرص عمل أكثر للشباب ودعم المنتج المحلي.
بالمختصر، ليس هناك معجزات عندما تتوفر الإدارة المبدعة التي تدير الملفات بحكمة وشفافية وتجد حلولاً ناجعة طال انتظارها.