المجاعة كسلاح ضد غزة
د. معن منيف سليمان
حذّر المفوّض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، فيليب لازاريني، من احتمال حدوث مجاعة في شمالي قطاع غزة، متهماً الكيان الصهيوني باستخدام الجوع كسلاح ضد المدنيين.
وقد دعم هذا التحذير تقرير صادر عن لجنة مراجعة المجاعة التابعة للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، والذي حذّر من احتمال قويّ بحدوث مجاعة وشيكة في شمالي القطاع، داعياً إلى تحرك فوري من جميع الأطراف المعنية خلال أيام لتجنّب هذه الكارثة. وقد وثق التقرير الوضع الإنساني الخطير للغاية في قطاع غزة، وخاصةً في الشمال، مشيراً إلى شحّ الغذاء، والماء، والدواء، والوقود، والذي أدّى بالفعل إلى وفاة عدد من الأطفال وكبار السن.
وبحسب التقرير، فإن شحنات المساعدات المسموح لها بدخول قطاع غزة أصبحت الآن أقلّ من أي وقت مضى منذ تشرين الأول 2023، ويستمر تدهور الوصول إلى الغذاء، مع ارتفاع أسعار المواد الأساسية في السوق السوداء.
وأشار التقرير إلى أنه “بالتزامن مع ارتفاع أسعار المواد الأساسية بشكل كبير ومتزايد، كان هناك انهيار كامل لسبل العيش بحيث لا يمكن شراء أو مقايضة الغذاء والاحتياجات الأساسية الأخرى”.
كما أعربت اللجنة عن قلقها من قرار الكيان الصهيوني الشهر الماضي قطع علاقاتها مع الأونروا، محذرة من “عواقب وخيمة للغاية على العمليات الإنسانية”.
وفي الأسابيع الماضية، بدأت أزمة حقيقية تلوح في وسط وجنوبي قطاع غزة أيضاً، بسبب نفاد الدقيق والمواد الأساسية من الأسواق ومنازل الفلسطينيين، واضطرارهم لاستخدام الدقيق الفاسد لإطعام عائلاتهم، والبحث عن بدائل غير صحية.
في أوائل الشهر الماضي، فرض كيان الاحتلال قيوداً إضافية على تدفق البضائع إلى قطاع غزة، ما أدّى إلى وقف الشحنات التجارية وخفض كمية المساعدات الإنسانية التي تدخل المنطقة بشكل كبير. وقد أدى هذا القرار، إلى جانب الصراع المستمر، إلى جعل العديد من سكان القطاع يكافحون من أجل البقاء على قيد الحياة مع محدودية الوصول إلى الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.
لقد أعاق كيان الاحتلال توصيل المساعدات الإنسانية ليس فقط بسبب العدوان المستمر، ولكن أيضاً بسبب فرض الكيان لقيود “الاستخدام المزدوج”. تمّ تصميم هذه القيود لمنع دخول المواد التي يمكن أن تستخدمها “حماس” لأغراض عسكرية، مثل الخرسانة والمعادن ومواد البناء الأخرى. ومع ذلك، انتقدت المنظمات الإنسانية هذه القيود، بحجة أنها تؤثر بشكل غير متناسب على توصيل الإمدادات الأساسية، بما في ذلك الغذاء والدواء ومواد المأوى.
ومع تفاقم الوضع في قطاع غزة، يواجه المجتمع الدولي قراراً حاسماً. وتدعو المنظمات الإنسانية إلى اتخاذ إجراءات فورية لمنع المجاعة وتجنّب المزيد من المعاناة في القطاع. ذلك أن الموعد النهائي الذي حدّدته إدارة بايدن للكيان لتحسين وصول المساعدات يقترب بسرعة، ويتزايد الضغط على كلّ من الكيان والمجتمع الدولي لإيجاد حلّ.
ويتفق الخبراء على أن نافذة العمل تغلق بسرعة، وأن الإخفاق في التحرك بسرعة قد يؤدي إلى كارثة إنسانية كارثية. ويسلط تحذير لجنة الأمم المتحدة من أن المجاعة وشيكة في غزة الضوء على الحاجة الملحة لزيادة المساعدات والوصول والاستجابة الدولية المنسقة.
إن كيان الاحتلال الصهيوني يسعى إلى احتلال شمالي القطاع وتحويله إلى منطقة عازلة بعد تهجير سكانه، تحت وطأة قصف دموي متواصل وحصار مشدّد يمنع إدخال الغذاء والماء والأدوية.