صحيفة البعثمحليات

التخطيط الصحيح لإدارة الموارد البشرية ضرورة مؤسساتية في القطاعين العام والخاص

دمشق – نجوة عيدة

إدارة الموارد البشرية وتأهيل العنصر البشري من أهم عوامل النجاح المؤسساتي، ليس فقط في سورية بل عالمياً، والاستثمار في المجال البشري بات مورداً مهماً لرفد العمل بالكوادر المؤهلة لقيادة الأعمال بمختلف مجالاتها. 

رئيسُ مجلس مؤسّسة أمناء إدارة الموارد البشرية في سورية، الدكتور منير عباس، أشار في حديث لـ “البعث” إلى أن الاستثمار في الموراد البشرية يحقّق الكثير من الفوائد على الصعيد المؤسساتي سواء في القطاع العام أو الخاص، لافتاً إلى أن القطاع العام حالياً ومنذ انطلاق مشروع الإصلاح الإداري يسير بخطوات جيدة نحو عملية ترشيق المؤسسات، بمعنى جعلها أكثر ديناميكية بعيداً عن البيروقراطية، وذلك من خلال التوصيف الوظيفي للمراكز الوظيفية والعنصر البشري، وهذا يعني أن العنصر البشري هو أساس التغيير.

وعن كيفية العمل والتخطيط الدقيق لإدارة الموارد البشرية وتحليل واقع العمالة، بيّن عباس أن المهمّة الأساسية حالياً هي العمل على البنى التنظيمية، إذ يوجد بنى تعود لعام 1950 لم يطرأ عليها أي تغيير من ناحية إعادة الهيكلية والتوصيف الوظيفي، وتبرز هنا أهمية التخطيط ووضع خطة لإدارة الموارد البشرية ووضع اليد على النقص والفائض في القطاع العام وترشيقه وترشيده بالشكل المطلوب، وأشار إلى أنه رغم متاعب وظيفة الدولة إلا أنها حسب وصفه “مقدسة” لأن تأثيرها على المواطن أكبر بكثير من الوظيفة الخاصة، معتبراً أن أي وظيفة عامة بأي مفصل من مفاصل الحكومة تؤثر على المواطنين بسبب الحاجة إليها، ومن هنا تأتي أهمية التأهيل والاهتمام بموظف القطاع العام. 

ورأى عباس أن التخطيط المسبق لملامح الوظيفة العامة هو أولاً وأخيراً لخدمة المواطن وليس لتحقيق مكاسب لشاغل الوظيفة، مشيراً إلى وجود عدة جلسات حوارية تعقد وتتعلّق بالخدمة العامة والقانون الأساسي للعاملين وتحديثه، ولحظ النظام المغلق والمفتوح والتقاعد المتأخر وليس المبكر فقط، إضافة للحظ عمليات وضع الأجر للساعة، منوهاً بوجود اجتماع موسّع من المزمع عقده للخبراء بالخدمة العامة في عملية التخطيط للوظيفة العامة وتعريف ماهيتها.

وأوضح عباس أن سنوات الحرب الـ 13 هي السبب في تدهور حال القطاع العام، وفي ظل الرواتب المنخفضة وصعوبة رفعها حالياً، يصعب استقطاب اليد العاملة فيه، وليس هناك من حلّ لإنعاش “العام” الذي لا يزال في عرف المواطنين الحضن الأكثر أماناً سوى بالتشاركية مع القطاع الخاص، والسماح للأخير بالإدارة في بعض المشاريع ويشترط عدم تسريح الموظفين بل إعادة تمكينهم وتدريبهم ورفع رواتبهم من قبل إدارة القطاع الخاص لهذا المفصل المتشارك عليه، وعلى القطاع العام التخلّص من مسؤوليته المجتمعية وتحقيق الأرباح لأن خسارته تعيقه عن الاستمرار والاستدامة، فعلى الأقل عليه بالربح لا أن يبقى عاجزاً، على حدّ قوله، إضافة لتحوله إلى اقتصاد فيدرالي وأن تكون كل وزارة آمر الصرف لموظفيها.

وأشار عباس إلى تجربة مؤسّسة الطيران العربية الناجحة في مجال التشاركية مومأ لوجود مشاريع أخرى من المزمع المشاركة فيها أو تحويلها بالكامل لرحاب “الخاص” على غرار شركة الاتصالات حالياً، وفيما يتعلق بإعادة “حق” الوزارات بالإعلان عن حاجتها للتوظيف، أفاد رئيس مجلس مؤسسة أمناء إدارة الموارد البشرية في سورية إلى أنه سيتمّ تجاوز أخطاء ومشكلات المسابقة المركزية السابقة، كمثال على ذلك الإعلان من قبل 12 وزارة عن الوظائف، بحيث يتقدّم الشخص كحدّ أقصى إلى خمس وزارات وستمنح كل جهة الأريحية من ناحية الفرص المتوفرة، وخاصة في الوزارة ذات المردودية الأعلى والتي يكون الإقبال عليها أكثر من غيرها، مبيناً أن الإصلاح الإداري مشروع طويل جداً ولا يتمّ لمرة واحدة، بل هو عملية دائمة ومستمرة، وعمليات التغييرات التنظيمية لا تنعكس بشكل مباشر على الحياة اليومية للمواطن بل سيلحظها المجتمع في وقت لاحق.