عقل تنفيذي مبدع ومبتكر!
غسان فطوم
يعوّل السوريون كثيراً على القادمات من الأيام، وكلّ آمالهم أن يرتاحوا من الحلول الترقيعية التي كانت تعالج المشكلة بمشكلة أخرى، ما يزيد “الطين بلّة”. وأول ما نتمناه هو أن يُعاد الحق إلى أصحاب الكفاءات والخبرات الوطنية التي تعرّضت كثيراً للتهميش والتشكيك بقدراتها بسبب غياب معايير النزاهة، ما دفع أعداداً كبيرة منهم للهجرة وهم في قمة عطائهم!
لا شكّ أن تحقيق تلك الأماني والآمال لا يتمّ إلا بوجود عقلية جديدة عند أصحاب القرار قوامها “الإبداع والابتكار” من أجل تفعيل فكر الإصلاح الحقيقي بعيداً عن السلوكيات والإجراءات النمطية المجترة على مدار عقود، والتي عطّلت أو لنقل أخّرت النمو والتطور على مختلف الأصعدة، وها نحن ما زلنا نراوح بالمكان، رغم وجود موارد اقتصادية وبشرية لو تمّ استثمارها بالشكل الصحيح لما طال أمد الأزمة إلى هذا الحدّ!
لنكن صريحين.. لقد افتقدنا خلال ما مضى إلى “العقل التنفيذي” المبدع الذي يفكّر للمدى البعيد باعتماد خطط واستراتجيات قائمة على الدراسات والبحوث الاستقصائية التي تعتمد على الرقم الصحيح، والمعطيات الواقعية المضمونة النتائج من أجل أن نبني سياساتنا الاقتصادية على وجه الخصوص ونوصلها إلى برّ الأمان.
إن ما نريده من الفريق الحكومي الحالي هو أن يبدع ويبتكر من خلال التعامل مع الواقع بفكرة إدارة المخاطر وتحليلها بالعمق، ووضع السيناريوهات المحتمل وقوعها لكلّ أزمة نعيشها وليس بأسلوب إطفاء الحرائق وتبريدها، وبذلك نكون قد حققنا “الوقاية والتخطيط والأداء الناجح”، وهذه من أساسيات أو أولويات إدارة أي أزمة كبيرة كانت أم صغيرة.
سورية اليوم تواجه الكثير من التحديات الداخلية والخارجية، لذا هي بأمسّ الحاجة إلى مشروع إصلاحي عصري متكامل ومتوافق مع المتغيّرات التي تحدث من حولنا، والأهم أن يبعث الأمان من خلال تعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي وإحداث التطوير في كافة المجالات الأخرى.
بالمختصر، التحديات كثيرة على طاولة الحكومة، وتطويقها يحتاج لتغيير الأفكار والمعالجات في التعامل مع أدق تفاصيل واقعنا الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والإعلامي وفي كلّ المجالات، لأن ذلك هو السبيل الأنجع للخروج مما نحن فيه دون تراخٍ أو تباطؤ، وتحقيق تطلعات المواطنين في مستقبل زاهر.