التفاؤل هو السمة الأبرز في حكومة عام ٢٠٢٤..ولكن!!
مادلين جليس
على خلاف السابق، يبدو التفاؤل هو السمة الأبرز في حكومة عام ٢٠٢٤، خاصة وأن طرح رئيس الحكومة يبدو مختلفاً عن سابقيه، من خلال تأكيده على التفكير خارج الصندوق، على الرغم من الصدمة الكبيرة للجميع بعد قرار رفع سعر المازوت. وللحقيقة إذا لم يتمّ العمل على تحسين الوضع المعيشي للمواطن، ورفع جودة الخدمات المقدّمة، وفتح المجالات الاقتصادية التي تخلق فرص عمل للشباب، فإن كلّ الحديث عن تفاؤل اقتصادي سينقلب إلى خيبة عارمة، بحسب الخبير الاقتصادي الدكتور شادي أحمد، إذ يرى أن الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة تجعل المواطن يأمل أن أي تغيير حكومي سيكون بمثابة المعجزة الاقتصادية، مشيراً إلى أن التوقعات مرتبطة بثلاث مستويات لا يمكن للحكومة أن تتجاهلها، أو تتجاهل أهميتها، وفي مقدّمتها تحسين الوضع المعيشي للمواطن المرتبط بالاحتياجات الضرورية من الغذاء واللباس والصحة والتعليم والكهرباء، وغيرها، والعمل بالتوازي مع ذلك على رفع جودة الخدمات التي تقدّمها الدولة، ولاسيما تلك المرتبطة بالتعليم في المرحلة الأولى والتعليم الجامعي وبمستوى تطور الخدمات المصرفية، ومن ثم تطور الخدمات الأخرى الثقافية والرياضية؛ لكن كلّ ذلك لن يكون كافياً ما لم تتفتح عين الحكومة على فتح مجالات اقتصادية في سورية، وعلى تحسين القوانين والشروط التمويلية التي تسمح بالاستثمار، ولاسيما أن هناك العديد من الشباب الذين يتطلعون للهجرة من أجل فرص عمل أو استثمارات مناسبة، وبالتالي – يؤكد أحمد – يتمنّى الناس على الحكومة أن تقوم بفتح هامش كبير، وتنجز برنامجاً واسعاً لريادة الأعمال هدفه الأول إيجاد فرص عمل مهمّة للشباب السوريين في وطنهم.
توظيف القدرات
أما من وجهة نظر قطاع الأعمال، فالمطلوب أولاً وأخيراً تشاركية حقيقية من أجل زيادة دوران عجلة قطاعات الأعمال بالكامل، من زراعية وصناعية وتجارية وسياحية، بحسب محمد الحلاق عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق.
وبرأي الحلاق، لا بدّ من جلسات مصارحة من أدنى مستوى قطاعي ومن أقل القطاعات كفاءة، مع الحكومة، لأن تأثير أقل القطاعات قد يكون بالمحصلة الإجمالية أقوى على الاقتصاد من أكثرها قوة، فمن خلال الجلسات العملية والاستماع للمعوقات وتحويلها إلى تسهيلات نستطيع أن نحسّن الكثير.
وأكد الحلاق أن قطاع الأعمال يسعى دوماً لخلق فرص إنتاج وتجارة وسواها، لكن هذا الأمر – برأيه – يحتاج إلى زيادة التوظيف التي تعني استثماراً أمثل للكفاءات الموجودة، وبالتالي تحقيق دخل أكبر، وإنفاق أكثر، ومن ثم إنتاج أكثر، أي أنها حلقة تبدأ من مكان لتنتهي في المكان نفسه، ولكن بقطر أكبر وأكبر، لكن الأمر لا يمكن أن يتحقق بعيداً عن توافق جميع الأطراف.
وبيّن الحلاق أن زيادة الإنتاج تعني فائضاً، والفائض يحتاج لإيجاد أسواق تصديرية، والأسواق التصديرية تحتاج إلى الدعم، أو إلى إزالة المعوقات من تعهد تصدير أو أية إجراءات إدارية تخفّف او تعيق تيسير الأعمال، وطرح مثالاً.. أنه وبغرض تصدير أي منتج، وبسبب الكثير من الإجراءات الإدارية، فنحن قد خلقنا مفاصل غير ميسّرة. وكلّ هذه الأمور، كما يقول الحلاق، تحتاج للجان أساسية ولجان فرعية تدمج الفكر العملي مع الفكر العلمي مع البيانات المتوفرة لدى الحكومة، ومع متطلبات قطاع الأعمال من أجل توظيف قدراته بالشكل الأمثل.
الرواتب والأجور ثانياً
لا يختلف الرأي النقابي عن باقي آراء الفئات، وكما هو واضح، فإن الجميع يتفق على أن المطلب الأساسي هو تحسين الوضع المعيشي للمواطن. لكن الصحفية الاقتصادية رحاب الإبراهيم تضيف أملها بالتركيز الحكومي على إيجاد طريقة لزيادة الرواتب والأجور وعدم تمويلها من قرارات رفع أسعار المشتقات النفطية، كما جرت العادة، على نحو أحدث كوارث اقتصادية ومعيشية أوصلتنا إلى الواقع المتردي الحالي، مع إعطاء الأولوية لدعم القطاع الزراعي والصناعي وتشجيع الإنتاج كونه الأساس للنهوض بالواقع الاقتصادي والمعيشي بعيداً عن سياسة الجباية المرهقة، مع منح القطاع الخاص تسهيلات وإعفاءات مدروسة بدقة، وخاصة في مدينة حلب كونها العاصمة الاقتصادية، وأيضاً إرساء سياسة مالية ونقدية متوازنة، وإطلاق قروض ميسّرة تشجع على تأسيس مشاريع متناهية الصغر وصغيرة ومتوسطة.
وأكدت الإبراهيم أهمية تعديل عدد من القوانين في هذا المجال، وخاصة قانون العاملين الأساسي بحيث يكون الموظفون منتجين وليس مجرد موظفين فقط، إضافة إلى ضرورة تثبت العاملين في الدولة، الذي يعدّ مطلباً جماعياً لآلاف الموظفين الذين ينتظرون هذا القرار منذ سنوات طويلة.