بـ”محرقة” قدسية وتكريم ناصر.. انطلاق مهرجان حمص المسرحي
حمص- آصف إبراهيم
انطلقت، أمس، فعاليات الدورة الخامسة والعشرين لـ”مهرجان حمص المسرحي” على خشبة مسرح قصر الثقافة بتكريم شخصية مسرحية تعرّف عليها جمهور حمص المسرحي من خلال مجموعة عروض مهمّة، قدّمها خلال مسيرته الطويلة، ولاسيما تلك العروض التي قدّمها مع فرقة المسرح الجامعي التي ترأسها لسنوات هو المخرج المسرحي حسين ناصر الذي بدأت مسيرته المسرحية مع فرق الهواة، لينتقل بعدها إلى فرق اتحاد الطلبة ليصبح رئيساً لفرقة اتحاد طلبة حمص، وأسّس مع الفنان زهير العمر فرقة المسرح الجامعي، وفي جعبته نحو عشرين عرضاً مسرحياً، كان آخرها مسرحية “كائنات من ضوء” التي نال عنها جائزة أحسن عرض في الملتقى الدولي للمسرح الجامعي في تونس، لتضاف إلى الجوائز العديدة التي حصدها في مهرجانات محلية وعربية ودولية.
وأعقب الافتتاح والتكريم عرض مسرحية “المحرقة” تأليف وإخراج وتمثيل زيناتي قدسية بمشاركة الفنان حسين عزب، وهي توليفة لا تتقيّد بقوالب بنائية تقليدية في المسرح من حيث التسلسل الحكائي “مقدمة، حبكة، نهاية” وفق الرؤية الأرسطية، بل جاء العرض أقرب إلى الحالة العبثية أي مسرح تسجيل مواقف لا مسرح أحداث متتابعة وأفكار منطقية متسلسلة، عرض يفتقد لأيّ شكل من أشكال الصراع الدرامي، ليبقى ضمن محاولات تقوم على قفشات كوميدية ساخرة تنشد الكوميديا من خلال استحضار شخصية “جحا” المعروفة بطرافتها في الموروث الحكائي العربي، ومن خلالها يطلق قدسية مجموعة مواقف ناقدة للواقع العربي المتردي في كلّ جوانبه، ويفتتح العرض بمقطع من أغنية جميلة لأم كلثوم “هل رأى الحب سكارى”، ليتواصل بعدها توظيفه للأغنية وجمل المحسّنات البديعية من دون أي مسوغ درامي يستدعي ذلك، أو يخدم الفكرة أو يرتبط معها، وشخصية “جحا” كحالة رمزية مع رفيق دربه “يقطين” الذي قتلوا والده أمام عينيه فربط لسانه، فيها شيء ما من ملحمة “سرفانتس” الإسبانية “دون كيشوت” ورفيقه “سانشو”، تناص يسعى قدسية من خلاله إلى السخرية من البطولات العربية التي تستند إلى شعارات جوفاء وخطبٍ رنانة وتغنٍ بأمجاد السيف والرمح، في حين يتسلح أعداء الأمة بالأسلحة الفتاكة، ليكون العرض بذلك محاكمة رمزية لشخصية “جحا” التي يقدّمها قدسية كمحرض إيجابي ينشد التغيير في الواقع، لكن من دون الاستناد إلى حوارية مفهومة، وبناء منطقي يشدّ المتلقي ويحثّه على التفاعل معه.