أطفال فلسطين بين نار الاحتلال وجدران المعتقلات
تقرير –إبراهيم مرهج
آلاف الشهداء من أطفال فلسطين المحتلة الذين استهدفتهم الآلة الحربية العسكرية الإسرائيلية لم تكن دمائهم كافية لإشباع نزوات جيش الاحتلال النازي بسفك الدماء وممارسة إبادة عرقية وجماعية تستهدف كل فلسطيني كبيراً كان أم صغيراً، فيما يشبه حرباً ديمغرافية بنك أهدافها جله من المدنيين والأطفال.
وبينما يحتفل أطفال العالم بمناسبة يومهم العالمي، وصلت وحشية الاحتلال الإسرائيلي بحق أطفال فلسطين مستويات غير مسبوقة، ويواجهون اليوم مرحلة هي الأكثر دموية بحقهم مع استمرار حرب الإبادة التي أدت إلى استشهاد وجرح الآلاف منهم، وخلفت الآلاف ممن فقدوا أفراداً من عائلاتهم أو عائلاتهم بشكل كامل، لتكون هذه المرحلة امتداداً لسياسة استهداف الأطفال التي يمارسها الاحتلال منذ عقود طويلة، إلا أن المتغير اليوم هو مستوى الجرائم وكثافتها غير المسبوق في التاريخ الحديث.
لم يكتف الاحتلال بما يمارسه من جرائم تجاه الأطفال، بل تصاعدت حملات الاعتقال بحقهم، سواءً في الضفة الغربية التي سُجل فيها ما لا يقل عن 770 حالة اعتقال للأطفال، أو في غزة، حيث لا يمكن معرفة أعداد من تم اعتقالهم في ضوء استمرار جريمة الإخفاء القسري بحقهم، فيما يقبع ما لا يقل عن 270 طفلاً بشكل أساسي في معتقلي “عوفر” و”مجدو”، إلى جانب عدد من المعسكرات التابعة لقوات الاحتلال التي تم استحداثها بعد العدوان على غزة مع تصاعد عمليات الاعتقال التي طالت الآلاف.
وتشير الإحصاءات والشهادات الموثقة للمعتقلين الأطفال إلى أن أغلبيتهم تعرضوا للتعذيب الجسدي والنفسي والتجويع والحرمان من الزيارة، عبر جملة من الأدوات والأساليب الممنهجة المنافية للقوانين والأعراف الدولية والاتفاقيات الخاصة بحقوق الطفل، إلى جانب عمليات الإعدام الميداني التي رافقت حملات الاعتقال، وكان من بينها إطلاق الرصاص بشكل مباشر ومتعمد على الأطفال، ناهيك عن توثيق عدد من الحالات، حيث استخدمهم الاحتلال رهائن للضغط على عائلاتهم، وكما الحصار الذي يفرضه الاحتلال على غزة يؤدي إلى زيادة المجاعة، فإنه يمارس جريمة التجويع بحق المعتقلين ومنهم الذين أضطر العديد منهم إلى الصوم لأيام بسبب ذلك.
أما من يُفرج عنهم من سجون الاحتلال فيعانون أوضاعاً نفسية صعبة ويحتاجون إلى تأهيل ورعاية ودعم وسط غياب الإمكانيات الطبية والعلاجية حالياً، كما تواجه عائلاتهم تحديات كبيرة أمام استمرار توحش الاحتلال بحقهم فالعديد منهم استمر الاحتلال في ملاحقتهم وإعادة اعتقالهم، وكل ذلك يحدث والمجتمع الدولي عاجز عن تحمل مسؤولياته تجاه الأطفال الفلسطينيين ومحاسبة الاحتلال على جرائمه بحقهم التي تستهدف تدمير جيل كامل وسلبه مستقبله وتشويهه جسدياً ونفسياً بشكل ممنهج، بغية حرفه عن مسار قضيته وحقه في تقرير مصيره.