في اليوم العالمي للطفل.. قضية بالغة الحساسية لطفلٍ متروك في مشفى حلب الجامعي منذ 9 أشهر!
دمشق- لينا عدره
قصص كثيرة بتنا نسمع عنها، ولم نكن نتخيّل حتى في أسوأ كوابيسنا أننا سنطرحها بوماً في الإعلام، ربما أكثرها إثارة للدهشة وتحديّاً للطبيعة البشرية والأخلاقية، هي قصة طفلٍ لم يتجاوز عامه الأول، رافقه الظلم منذ اللحظات الأولى من حياته، وهدفنا من عرض قصته، لفت انتباه الأسر والرأي العام للتداعيات الخطيرة للحرب، سعياً منا لحماية الأسرة ومكوناتها وليس للتشكيك بها، لأن حالة الإنكار لمثل هذا النوع من القضايا الحسّاسة المسكوت عنها، ليست مقبولة، خاصةً وأنها أمر واقع، يفرض علينا الاعتراف بها ودراسة تداعياتها النفسية والاجتماعية، فالقضية لا تقف عند تدمير مستوصف أو مشفى على الرغم من الخسارة الكبيرة، بل تمتد لعدة أجيال، ونحن هنا بطرحنا لقضية الطفل لسنا بصدد مناقشة وضعه القانوني، خاصةً وأن كلّ جهة طرحته من زاويتها الخاصة، فالمشفى طرحها من وجهة نظر طبية وخدمية، ونحن نطرحها من وجهة نظر اجتماعية بعيداً عن تحميل المسؤولية لأي طرف، لأن لا فائدة من تحميلها لأحد، تاركين للشرع والقانون الكلمة الفصل.
وفي تفاصيل القصة، كما ذكرها الدكتور بكري دبلوني مدير مشفى حلب الجامعي لـ”البعث”: تمّ إحضار طفل رضيع إلى قسم الأطفال في المشفى من قبل مخفر الجميلية بتاريخ 26/1/2024 على أنه طفل لقيط مجهول النسب، وتمّ قبوله في المشفى ليتبيّن فيما بعد أن للطفل وضعاً خاصاً، وأن الأب والأم معروفان، غير أنهما في السجن مع الجد والجدة، كون الطفل نتاج زواج سفاح القربى بين الأخ وأخته!.
لتبدأ معاناة الطفل والمشفى نتيجة رفض دور الأيتام والجمعيات استضافته، بما أنه ليس من مجهولي النسب أو يتيماً، واشتراطهم لقبوله إحضار سماح أو إذن من المحامي العام الأول، وهذا فعلاً ما قامت به إدارة المشفى، وفق ما أكد دبلوني، حيث تمّ رفع كتاب للمحامي العام الأول في حلب تضمن شرحاً لوضع الطفل، ولكن لم يصل جواب لغاية اليوم، منوهاً بأن المشفى ليست دار رعاية أو مركز إيواء أو فندقاً، ومهمتها في مثل هذه الحالات تنحصر بتقديم الرعاية الصحية للطفل، لأن استضافة الأطفال اللقطاء في المشفى لفترات زمنية طويلة، وخاصةً مع تمتّعهم بصحة جيدة، ليس بالأمر الصحيح والصحي، على حدّ قوله، مضيفاً: لم يعد مقبولاً أن تضع الشرطة الأطفال في المشفى وتذهب فقط، لأنه لا يوجد مكان آخر يمكن تحويلهم إليه، مؤكداً ضرورة الإسراع بالإجراءات والابتعاد عن الروتين حمايةً للأطفال، وحرصاً على حقوقهم وحياتهم، خاصة وأن معظم الأطفال حديثي الولادة ممن يتمّ إحضارهم لا يحتاجون لحاضنة، وبالتالي لا داعي لوضعهم في الحاضنة، وحجزها وأخذ مكان طفل آخر.
ونوه دبلوني بأن الطفل الموجود حالياً لديه غرفة وممرضة خاصة، لأن الحاضنة لم تعد تتسع له، مشيراً إلى أن البطء في تحويل الأطفال لا يقتصر على حالة الطفل المذكور أعلاه، وإنما تكرّر حتى مع الأطفال اللقطاء، حيث عانى المشفى ولمدة أشهرٍ مع ست حالات لأطفال لقطاء مكثوا فيها لأشهر ولم يتمّ نقلهم إلا منذ شهر ونصف للمكان المخصّص لهم، بالتنسيق مع الهلال الأحمر والشؤون الاجتماعية، مشدداً على إيجاد آلية أسرع لنقل الأطفال، لأن الأطفال هم الحلقة الأضعف والضحية في مثل هذه الحالات التي لا ذنب لهم فيها.
لا شكّ أن قضية الطفل المتروك في المشفى، تُنذر بأننا اليوم أمام جريمة أخلاقية خطيرة تعطي مؤشراً خطيراً جداً عن الحالة التي وصلنا إليها، ما يلزم الجهات المعنية أن تتوقف كثيراً عند هذه الجريمة لدراستها، ودراسة أبعادها وأسبابها، وما يضعنا أمام وضعٍ خطير يتجلّى ببشاعة وخطورة المرحلة التي وصل البعض إليها!.