ثقافةصحيفة البعث

توفيق أحمد وأمسية مميزة في “بيت الشعر”

غالية خوجة ـ الشارقة

خلال زيارته للإمارات، جال الشاعر والإعلامي توفيق أحمد، نائب رئيس الاتحاد، معرض الكتاب، و”بيت الشعر” الذي يديرهُ الشاعر الإماراتي محمد البريكي، والذي ازداد فواحاً مع قصائد توفيق أحمد من خلال مشاركته في أمسية في “بيت الشعر” بالشارقة.

وكما عهدنا، صدحت كلمات أحمد بصوته الشفاف والمتناغم مع المحبة بأشكالها المتنوعة، ومع الذات البرية وتفاصيل الطبيعة والضيعة والنجوم والورود، ومنها قوله: “ضيعتي يا الوردُ فوق الجبلِ، يا أغانيَّ ويا صوتَ الحلي، يا قطيعاً من نجومٍ تعبتْ، واستحمّتْ بمياهِ الجدولِ”.

وكذا، يرسم بقصائده أبعاداً تصويرية وتشكيلية للمشهد وشخصياته وضمائرها، مستعيداً ما مضى، مضيئاً ما يحدث، ومستذكراً ما أتى، كما في قصيدته “يبكي آخر العرب”، التي تلمع فيها شخصية الشاعر الفيلسوف “المعري”، الوامضة باختزال زمني، وكثافة دلالية: “هذي المعرّة هل كانت مسافرة، لولا المعري ببالِ الشعر والأدب، أبو العلاء على أبوابها نغمٌ، من ألف عام وحتى آخر الحقب، مشيتُ في ليلها الزنجيّ ألفُ يدٍ، تدلّني وعصافيرٌ من اللهب، فقام من قبرهِ الأعمى يحدثني، وفي يديه عناقيدٌ من الشهب، لمحتُ في مقلتيهِ عبرتين أما تبكي السماءُ لتسقي ظامئَ التُرب، يا شاعر الزمن الآتي وغابرهِ، عرفتُ أنك تبكي آخرَ العرب”.

بينما يتمركز الحب شطحات بين أحمد وذاته ومحبوبته والوجود، ومن هذه الأجواء قصيدة “دنيا” التي تجمع بدلالة مثنوية بين الحياة واسمها وشخصية المحبوبة، ومطلعها: “كتبتكِ كالقصيدة في الضمير، كزنبقتين من نارٍ ونور”، وهذه الصورة التشكيلية تجمع بين القصيدة والضمير، والطبيعة بزنابقها والأشعة الناتجة عن دلالات النار والنور من ضوء وحرارة وحياة، وتواصل إيقاعها ارتحالاً عابراً للأزمنة والأمكنة المتلاطمة أمواجاً وعطوراً وأبجدية وتحليقاً: “نسافر في العصور بلا ضفافٍ، يجوب شراعنا لُججَ العصور، ويكتبنا الزمان مع الأماسي، رفيفَ شذىً وفي لغة الطيور”.

وألقى أحمد قصائد عدة، منها الغزلي الإشاري الذي رسم بالمعنى صوراً متناغمة: “من أتعب الألوانَ في رسمها، حين يمامُ هتفتْ باسمها، من فصّلَ لها الورد بردة، أجمل ما تحلو على جسمها”، كما حضر الديالوغ والمونولوغ مع موسيقا الشعر وتفعيلاتها، وحضر “المعرّي” بتحولاته الرمزية الكثيرة التي مزجتْ ضمائرها في رحلة شعرية كانت مراكبها المخيلة.

نذكر أن مقدم الأمسية الإعلامي اللبناني وسام شيّا، والمشاركين فيها إلى جانب الشاعر توفيق أحمد كل من الشاعر المصري طارق الجنايني، والشاعرة اليمنية الطبيبة نجود القاضي، كما تجدر الإشارة إلى أن الأمسية التي اختُتمت بتكريم الشعراء، اتسمت بالسردية الشعرية وأحداثها المشهدية والتصويرية والحكائية وتفاعيلها المتماوجة بين الذات والآخر والطبيعة والقافية، ولامست تفاصيل الحياة ويومياتها، كما لامست أبعاد الوجود والحلم، وجذبت تصفيق وقلوب الحضور.