“أماني” و”نجمة” صورة مؤلمة عن الأطفال
أمينة عباس
تزامناً مع اليوم العالمي للطفولة، عرض النادي السينمائي في “مؤسسة أحفاد عشتار” ضمن برنامجه الشهري، وبالتعاون مع المؤسسة العامة للسينما، فيلمَي “أماني” و”نجمة” للمخرج سمير طحان في سينما كندي دمشق.
ويقدم الفيلمان صورة مؤلمة عن الأطفال في سورية، حين يُجبر الطفل في الفيلم الأول على ترك مدرسته وألعابه وأصدقائه ليدخل سوق العمل، مسلطاً الضوء على عمالة الأطفال وقضايا أخرى تمنع الطفل من ممارسة حياته الطبيعية بسلام وأمان، وهو ما كان يفتقد إليه أطفال الفيلم الثاني “نجمة” بفعل الزلزال الذي تعرضت له سورية، فكان الفقد سيد الموقف حينها.. إذاً رسائل كثيرة تضمنها الفيلمان تدق ناقوس الخطر حول وضع الطفل السوري في ظل الظروف الصعبة المتتالية التي نعانيها منذ سنوات، وهو كان وما يزال الحلقة الأضعف، لذلك يدعو سمير طحان إلى “الاهتمام ورعاية شريحة الأطفال وتقديم الدعم اللازم لهم على جميع المستويات ومن قِبل جميع الجهات الحكومية والمجتمع الأهلي لأنهم جيل المستقبل، والفيلمان من ضمن مشروعي الفني الثقافي الذي أعمل عليه منذ بداية سنوات الحرب على سورية للتعبير عن الإنسان السوري، وخاصة شريحة الأطفال التي كابدت وعانت أكثر من غيرها لكونها الفئة الأضعف في المجتمع، كما أنهم مستقبل سورية الذي يجب حمايته، أما إخراجياً فإن كل فيلم ينتمي لنمط إخراجي مختلف حسب خصوصية القصة وما تتطلبه وإن تقاطعا في بعض الجزئيات الني تعكس قسوة الحياة وحلاوة الحلم، ففي فيلم “أماني” نرى الحياة من وجهة نظر البطل الصغير، فهو كان وحيداً طيلة الوقت وشاركناه لحظاته السعيدة والحزينة، وبعد أن أغلقت كل الأبواب في وجهه أعطينا بارقة أمل، وفي فيلم “نجمة” كنّا نشعر بمعاناة من تأذّوا من الزلزال وكنا في حالة مراقبة للأختين الحزينتين لفقدانهما نجمة “لعبتهما” وفي خط درامي موازٍ كنّا نرصد حزن الأم المكلومة من فقدان ابنتها في الزلزال”.
يكتب المخرج طحان في العادة نصوص أعماله السينمائية فمشروعه فيهما كما يخبرنا: “قائم على ما أكتبه من قصص تحمل أفكاراً وتعالج قضايا اجتماعية وإنسانية، وأحاول تجسيد ما كتبتُه على الورق على الشاشة والخشبة، محاولاً امتلاك أدواتي كمخرج ومراكمة تجاربي لأكون قادراً على عكس رؤيتي وإيصال رسالتي إلى المُشاهد من خلال فرجة فنية تحترم ذائقته وعقله وفكره.. وبالعموم فإن سينما المؤلف نمطٌ موجود في العالم كون السينما أشبه بالفن التشكيلي، فإذا كان الكاتب والمخرج شخصاً واحداً كانت هناك رؤية فنية وفكرية متكاملة يمكن محاكمتها ودراستها واستخلاص رسائلها بشكل أوضح وأقوى من قبل الجمهور والنقاد، مع التوضيح أنني عندما أكتب أترك لنفسي وفكري الحرية الكاملة لتقديم كل ما يدور في رأسي على الورق حتى أصل للنص الذي يرضيني ويعكس رؤيتي، وبعد أن أنتهي من الكتابة وأشرع في مهمة الإخراج أجري ورشات عمل مع الممثلين المشاركين ليكونوا شركاء بآرائهم ورؤاهم في هذا المشروع، فتثار الحوارات والنقاشات بيننا لنصل إلى رؤية شاملة للنص والشخصيات، ومن بعدها يتم تثبيت ما اتُفق عليه ضمن الإمكانات المتاحة، وهي محدودة نسبياً لنقدم عملاً فنياً يحترم عقل وذائقة المشاهد ويحرّض على التفكير حول القضايا المقدَّمة في العمل”.
وردّاً على سؤال “ما هي المطبات التي يقع بها معظم من يتناول مواضيع لها علاقة بالأطفال؟ وما هو المطلوب للارتقاء بسينما الأطفال؟” يجيب طحان: “هذه السينما تحتاج إلى ميزانية أكبر تتيح إجراء ورشات عمل لفترات أطول مع الممثلين، خاصة الأطفال وتقديم كل ما يتطلبه الفيلم من إمكانات في التقنيات وأماكن التصوير وغيرها من الأمور، وصولاً للعمليات الفنية بعد التصوير، أما بخصوص السؤال الأول فلا يمكن تقييم تجارب الآخرين، ولكن يمكن القول إن هناك لبساً في فهم هذا النوع من السينما، فهناك رأيان حوله، أحدهما يقول: يجب تقديم سينما ليشاهدها الأطفال، ورأي آخر يقدم أفلاماً عن الأطفال ليشاهدها الجميع، وأظن أننا في سورية ما نزال في بداية مشوار طويل بما يخص سينما الأطفال ضمن الرأيين السابقين، ولكن ما هو مؤكد بالنسبة للعاملين في سينما الطفل أنه يجب أن نمتلك المعرفة العميقة بنفسية الطفل وطريقة تفكيره ونكون أقرب لعالمه وأحلامه ورؤيته للحياة، وهذا يتطلب ورشات عمل تخصصية للكتّاب بمشاركة اختصاصيين تربويين ونفسيين والاطلاع على قصص من الواقع لهؤلاء الأطفال، كما يجب أن نأخذ بملاحظات وآراء الأطفال حول ما يُقدَّم لهم من أفلام سينمائية، عندها يمكن أن نبني تجارب متينة في هذا المجال”.
يُذكَر أن القاسم المشترك بين فيلمي “أماني” و” نجمة” أنهما فازا بمسابقة المؤسسة العامة للسينما عن فئة سيناريو الأفلام القصيرة لسينما الأطفال، كما فاز سمير طحان، مؤخراً، بمسابقة سيناريو الأفلام القصيرة في المؤسسة العامة للسينما عن فئة سينما الواقع الراهن بنصّ بعنوان “قلب قاسيون” سينفذه مع المؤسسة ضمن خطة العام القادم، كما لديه نصاً مسرحياً جديداً ضمن مشروعه المسرحي الذي يدمج المسرح بالسينما ويسعى حالياً لإيجاد جهة انتاجية له ليبصر النور، علماً أنه دخل عالم الكتابة للطفل من خلال فوزه في المسابقة الأولى لسيناريو سينما الأطفال التي أطلقتها المؤسسة العامة للسينما عن نص فيلم “الدمية المحاصرة”، ثم أنجز فيلم “اللعبة” كتابةً وإخراجاً وعُرض على هامش “مهرجان سينما الشباب والأفلام القصيرة” بدورته الرابعة، وفيلم “إشارة حمرا” الذي شارك في المهرجان بدورته الخامسة ونال تنويهاً في تظاهرة أيام دمشق السينمائية ضمن مسابقة لجنة التحكيم، كما شارك في الدورة السادسة من المهرجان بفيلمين هما “رائد فضاء” من تأليفه وإخراجه، و”قضبان المدينة” من تأليفه وإخراج فادي رحمون، وفاز نصّه “بوظة” في مسابقة اختيار نصوص الأفلام القصيرة والذي أخرجه العام الماضي.