أخبارصحيفة البعث

ترامب والسياسة المنتظرة.. هل من جديد؟

سنان حسن

منذ فوز دونالد ترامب بولاية جديدة في البيت الأبيض، تزايدت الأنظار نحو ما سيترتب على سياسته تجاه المنطقة، خاصةً في ظل مواقفه المثيرة للجدل خلال ولايته الأولى.

لقد سجل ترامب دعماً غير مسبوق للاحتلال الإسرائيلي، بدأ من نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، مروراً بقرار ضم الجولان السوري المحتل إلى “إسرائيل”، وصولاً إلى “صفقة القرن” والاتفاقات الإبراهيمية التي سعت إلى ترسيخ وجود الكيان في المنطقة. هذه السياسات التي كانت بمثابة انقلاباً في العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية، ودعماً لم يقم به رئيس أمريكي من قبل، جعلت من ترامب حليفاً قوياً للكيان الإسرائيلي، ووضعت علامات استفهام كبيرة حول المستقبل السياسي للمنطقة.

ومع الإعلان عن تشكيل حكومته المقبلة، وظهور أسماء متشددة في دعم “إسرائيل”، يبدو التفاؤل بشأن تغيير حقيقي في السياسة الأمريكية تجاه المنطقة شبه معدوم، فبعض الأسماء في الحكومة القادمة كانت قد تورطت في اقتحامات للمسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية في فلسطين، مما يزيد من القلق حول نوايا إدارة ترامب المقبلة.

في ظل هذا الوضع، قد يتساءل البعض: ماذا يمكن أن نفعل؟ إجابة هذا السؤال تكمن في إدراك أن في السياسة لا شيء مستحيل، وأن المستقبل ليس محسوماً سلفاً، فالتجارب السابقة مع الإدارات الأمريكية تُظهر أن العداء للأمة العربية والحقوق الفلسطينية ليس محكوماً بشخص واحد أو إدارة معينة، إذ من غزو العراق في عهد جورج بوش الأب والابن، إلى التدخلات في المنطقة خلال عهد أوباما، وصولاً إلى صفقة القرن في عهد ترامب، كانت جميع هذه السياسات تهدف إلى تثبيت الوجود الأمريكي في المنطقة عبر دعم الكيان الإسرائيلي، وتعزيز تحصين قاعدته في قلب الشرق الأوسط.

ورغم هذا الواقع الصعب، فإن ترامب في ولايته الثانية سيستمر على ذات النهج، ولكنه قد يتبنى أساليب أقل حدة، مع احتمالية انخفاض الضغوط التي كانت تمارس عليه من اللوبيات الصهيونية في محاولاته للفوز بولاية ثانية، ولكن هذا لا يعني أنه قد يواصل دعمه المطلق لـ “إسرائيل” دون تردد.

في مواجهة هذا التحدي الكبير، من الضروري أن نركز على تعزيز قوتنا الداخلية والتماسك الوطني، ونبني تحالفات إقليمية ودولية تكون قادرة على مواجهة الضغوط الأمريكية والإسرائيلية، فتاريخ سورية، على سبيل المثال، يظهر كيف أنها تمكنت من التكيف مع مختلف الإدارات الأمريكية، رغم المحاولات المستمرة لتقويض استقرارها من زيارة الرئيس الأمريكي بيل كلينتون إلى دمشق عام 1996، إلى المواجهات مع سياسات العقوبات مثل قانون “قيصر” الذي فرضه ترامب في ولايته الأولى، يتبين أن سورية تمكنت دائماً من الصمود في وجه هذه التحديات.

فالواقع الذي نعيشه اليوم يتطلب منا العمل الجاد لتقوية داخلنا الوطني وتعزيز التحالفات الإستراتيجية، فالتاريخ علمنا أن التغيرات الدولية مهما كانت صعبة، لا يمكنها أن تحدد مصير الشعوب إذا كانت هذه الشعوب قوية وموحدة.