دراساتصحيفة البعث

عدوان الناتو يختبئ خلف قشرة السلام

عائدة أسعد

بات من الواضح أن الصين أصبحت وبشكل متزايد كبش فداء لبعض الغرب للتغطية على فشلهم في حل أزمة أوكرانيا، إن لم يكن ذريعة لهم للمضي قدماً في مخططات جيوسياسية لأطراف معينة.

إن حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي يعملان على تكثيف الجهود للضغط على الصين لوقف مساعدتها لروسيا، والتعاون مع جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية من أجل وقف دعمها لروسيا في عمليتها العسكرية الخاصة في أوكرانيا.

وتجدر الإشارة إلى أن العلاقات الدبلوماسية الطبيعية والمستقرة، والتعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين وأي دولة أخرى، بما في ذلك جارتيها، ليست بأي حال من الأحوال رافعة يمكن للقوى الغربية استخدامها لتعزيز أجندتها الخاصة.

ولابد من التنويه إلى حقيقة أن حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي قد كثفا من تواطؤهما وعقدا أشكالاً معينة من الاتفاقيات الأمنية مع دول آسيا والمحيط الهادئ مثل اليابان وكوريا الجنوبية مستشهدين بالتهديدات المشتركة من دول إقليمية أخرى، والتي ينبغي أن يُنظر إليها باعتبارها رافعة سياسية تريد هذه القوى استخدامها للضغط على الصين لتنفيذ أوامرها بشأن أزمة أوكرانيا.

ففي مقال للرأي، كتب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته: “تتحمل الصين مسؤولية خاصة هنا، لاستخدام نفوذها في بيونغ يانغ وموسكو لضمان وقف هذه الإجراءات، ولا يمكن لبكين أن تتظاهر بتعزيز السلام بينما تغض الطرف عن العدوان المتزايد”.

وبعد اجتماعه مع كبير الدبلوماسيين الأميركيين يوم الأربعاء الماضي، قال روته: “يجب أن يُنظر إلى منطقة اليورو الأطلسية ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ على أنهما مسرح واحد، وليس مسرحين منفصلين وأن أمننا أصبح عالمياً وعلينا أن ننظر إلى هذا باعتباره قضية عالمية”.

ولم يقدم حلف شمال الأطلسي ولا الاتحاد الأوروبي، أو حليفهم المشترك عبر الأطلسي، أي دليل ملموس لدعم مزاعمهم بأن الصين تقدم مساعدات عسكرية لروسيا.

وبدلاً من ذلك، يرى العالم أجمع بوضوح أي طرف يلعب دوراً قبيحاً في كل من أزمة أوكرانيا وقضية شبه الجزيرة الكورية، إلى جانب صراع غزة، لتحقيق غاياته الضيقة، وأي طرف يدافع عن موقف محايد وعادل ومتوازن بشأن هذه القضايا، ويعمل بلا كلل من أجل وقف إطلاق النار والسلام الدائم.

إن العجلة التي ورث بها رئيس حلف شمال الأطلسي الجديد عباءة سلفه تشير بوضوح إلى أن الدافع الحقيقي ليس حل النزاعات، بل جعل الصين جزءاً منها باعتبارها ممكناً حاسماً وشريكاً محتملاً ثم تهديداً حقيقياً.

وتشكل هذه التكتيكات أيضاً جزءاً لا يتجزأ من التحركات الرامية إلى فك الارتباط، وإزالة المخاطر التي تتبناها بعض الإقتصادات المتقدمة التي تستهدف الصين، الأمر الذي يحول الصين من شريك تجاري رئيسي طويل الأمد إلى عدو على البوابة بين عشية وضحاها.

لقد فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على العديد من الكيانات الصينية بناءً على اتهامات لا أساس لها من الصحة بأنها تقدم الدعم للجيش الروسي في أزمة أوكرانيا، ورغم أن واردات الاتحاد الأوروبي من الطاقة الروسية لا تزال ضخمة، ورغم أن الاتحاد الأوروبي يلتزم الصمت إزاء التجارة السريعة بين الدول الأخرى وروسيا، لكنه يهاجم التجارة الطبيعية بين الصين وروسيا.

إن أزمة أوكرانيا مستمرة منذ 1000 يوم وليس للصين أي مصلحة ذاتية في أزمة أوكرانيا، بل هي – وإلى جانب بلدان الجنوب العالمي الأخرى- أنشأت مجموعة أصدقاء السلام التي تدعو إلى عدم انتشار ساحة المعركة، وعدم تصعيد القتال، وعدم الاستفزاز من قبل أي طرف.

لقد آن الأوان كي تدرك القوى الغربية التي تحاول تشويه سمعة الصين بسبب الأزمة الأوكرانية أن الوسائل العسكرية لن تجلب السلام الدائم كما أثبت التاريخ مراراً وتكراراً، وأن كل الصراعات سوف تنتهي في نهاية المطاف على طاولة المفاوضات، ويتعين على هذه القوى أن تتوقف عن حيلها الرامية إلى إلقاء اللوم على الآخرين، وأن ترسل رسالة قوية تدعو إلى وقف إطلاق النار في وقت مبكر، والتوصل إلى تسوية سياسية للأزمة مع الصين وغيرها من الدول المحبة للسلام.