اقتصادصحيفة البعث

مشروعات “أسيرة”!

حسن النابلسي

لا يزال التمويل يشكل العقبة الكبرى أمام المشروعات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، ليبقى بالتالي هذا المكوّن الاستراتيجي أسير هواجس طالما أثارتها الحكومة عبر اجتماعاتها الضيقة والموسعة!

ولم تفلح ما تمخضت عنه الجهود الحكومية بتجاوز هذه العقبة إلا ضمن أطر ضيقة، فلا إحداث هيئة ضمان مخاطر القروض وسّع مروحة التمويل إلى مستوى الطموح، ولا إحداث هيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة أتى أُكله، ولا حتى إحداث مصارف التمويل الأصغر شكّل رافعة حقيقية لهذا النوع من المشروعات!

لعلّ سبب عدم فعالية الكيانات الاقتصادية آنفة الذكر، لجهة إحداث فارق في واقع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، يعود لما يكبّلها من روتين وبيروقراطية حيناً، وشروط وضمانات إئتمانية قاسية حيناً، وربما يضاف إلى ذلك أيضاً أسباب أخرى تحول دون تعزيز عجلة إنتاج المشروعات الصغيرة والمتوسطة تتعلق بالتسويق والي تتحمله هيئة تنمية الإنتاج المحلي والصادرات!

إذا ما حاولنا الغوص قليلاً بما تعانيه هذه المشروعات من صعوبات تمويلية، سنجد أن الموضوع يتعلق بضعف الدور التنموي للمصارف العامة والخاصة على الرغم من أهميته القصوى لتشجيع العملية الاقتصادية وتطويرها، إذ غالباً ما تتجه إلى تمويل عدد محدود من الأسماء الكبيرة التي تمتلك فعاليات وشركات اقتصادية، وتبحث المصارف عن كذا اسم من هذه الأسماء الاقتصادية من أصحاب الفعاليات ليعطي لكل اسم قروضاً كبيرة قد تصل قيمتها إلى ما يزيد عن عشر مليارات، وذلك على حساب تمويل المشروعات المتناهية الصغر والصغيرة، لأن الجهد المبذول من البنك مع عميل من هذا القبيل يساوي الجهد المبذول مع عميل يطلب قرضا بقيمة 5 ملايين ليرة سورية – إن لم يكن أقل – لعدم وجود ميزانية لديه وقوائم مالية وضمانات تغطي القرض، علماً أن العميل الدسم يأخذ قروضاً في أغلب الأحيان دون ضمانات عقارية وإنما ضمانات شخصية!

للأسف.. منذ عقود والحكومة تتحدّث عن دعم هذا النوع من المشاريع لكنها عملياً لم تقدم ما يكفي لها.. وآخر ما حُرر في هذا الاتجاه هو ورشة العمل “نحو إطار تمويلي نشط ومحفّز لتنمية المشروعات المتناهية الصغر ‏والصغيرة”.. فهل تكون الأخيرة جسراً لعبور هذه المشروعات إلى ساحة الإنتاج؟!