العلاقة الوثيقة بين الحروب في الشرق الأوسط وأوكرانيا
سمر سامي السمارة
من يتصور أن الحرب الصهيونية الإسرائيلية ضد فلسطين ولبنان مستقلة عن الحرب في أوكرانيا لابد أنه مخطئ، ذلك أن نفس القوى الظلامية – التي تُسمى الدولة العميقة – تنشط على جانبي البحر الأبيض المتوسط.
أياً كانت الدولة العميقة أو من كان يديرها من “كرادلة رماديين” من بيروقراطيين وعسكريين ومسؤولين حكوميين، فإنهم يسيطرون على قدر كبير من المال وتُخصص لهم ميزانيات سرية كبيرة، ويكون أكثر من 90٪ من إجمالي التدفق النقدي في جميع أنحاء العالم تحت إدارتهم، لأنهم يسيطرون على بنك التسويات الدولية، والذي يُطلق عليه أيضاً البنك المركزي لجميع البنوك المركزية، ومقره سويسرا، كما تتحكم عائلة روتشيلد في بنك التسويات الدولية الداعم الأكبر ليهود الأشكناز.
السؤال الذي لا بد من طرحة هنا، كيف سيتمكن الرئيس المنتخب ترامب من ضمان تنفيذ وعوده بأن يكون رئيساً “للسلام”، وإنهاء الحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط في غضون أيام من توليه منصبه؟ خاصة أنه قد لا تكون جميع اختياراته لأعضاء الحكومة من اليهود، لكن معظمهم من المؤيدين القويين للصهاينة، وبالتالي مؤيدي نتنياهو.
وبحسب مختصيين، فإنه يكفي النظر إلى الملف الشخصي للمرشح الذي عينه ترامب لمنصب وزير الدفاع، بيت هيغسيث، وهو مؤيد قوي للصهيونية و”إسرائيل” وإلى تعيينات ترامب التي لا تبشر بالخير، وصداقته مع نتنياهو فيما يتصل بالسلام في الشرق الأوسط.
قبل أيام قليلة، أدلى دونالد ترامب بتصريح مدمر “للدولة العميقة”، يتعلق بكيفية منعه الحرب العالمية الثالثة والكارثة النووية، من خلال تفكيك الدولة العميقة في الولايات المتحدة، وتجفيف مستنقع واشنطن، واصفاً الإدارة الحالية بأنها دكتاتورية.
في الواقع، تزامن تصريح ترامب هذا، مع اتخاذ بايدن قرار بالسماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ “أتاكمز” بعيدة المدى في العمق الروسي، وإبلاغ وزير الدفاع البريطاني جون هيلي، البرلمان على الفور”مضاعفة الدعم لأوكرانيا والعزم على بذل المزيد من الجهود، والسماح لأوكرانيا باستخدام صاروخ ستورم شادو بعيد المدى المصنوع في المملكة المتحدة وفرنسا”.
عززت فرنسا ودول أخرى في حلف شمال الأطلسي هذا الدعم، الأمر الذي جعل كييف تستغل التفويض الغربي من حلف شمال الأطلسي، وبحسب شبكة “سي إن إن” أطلقت أوكرانيا لأول مرة يوم الأربعاء 20 تشرين الثاني 2024، صواريخ ستورم شادو على أهداف داخل روسيا، وفقاً لمدونة عسكرية روسية، بعد يوم من إطلاق أوكرانيا صواريخ “أتاكمز” أمريكية الصنع على روسيا.
إضافة إلى ذلك، وفقاً لما ذكرته صحيفة “واشنطن بوست”، فقد قرر جو بايدن المنتهية ولايته إرسال ألغام أرضية مضادة للأفراد إلى أوكرانيا، وهو الخبر الذي كررته العديد من وسائل الإعلام، نقلاً عن مسؤولين أمريكيين لم يتم الكشف عن أسمائهم.
وفي مقابلة مع الكاتب والمحامي غلين غرينوالد، قال المذيع الأمريكي تاكر كارلسون، في برنامج “إكس” يبدو أن ” الدولة العميقة” التي لا تريد التنازل عن السلطة للرئيس المنتخب حديثاً ترامب، وقررت أن ” الحرب النووية أفضل من دونالد ترامب”.
في ظل هذه الظروف التي لا تدعو إلى الحرب فحسب، بل وتثيرها أيضاً، كيف يمكن لدونالد ترامب التفاوض على اتفاق سلام؟
يبدو أن حلف شمال الأطلسي والدولة العميقة يبذلان كل ما في وسعهما لبدء حرب كبرى يمكن إلقاء اللوم فيها على الرئيس بوتين، قبل أن يتمكن ترامب من تولي منصبه في 20 كانون الثاني 2025، حتى يتمكن الديمقراطيون [تحت قيادة الدولة العميقة] من الدعوة إلى الأحكام العرفية وتأخير رئاسة ترامب إلى أجل غير مسمى.
هذا هو ما يريده مناصرو العولمة، حيث يفضلون الحرب النووية على تولي ترامب الرئاسة، ويبدو هذا أكثر وضوحاً مع مرور الأيام، وهو يتناسب مع استنتاج المقابلة التي أجراها تاكر كارلسون وغلين غرينوالد أعلاه.
ولكي نعود إلى الرابط بين أوكرانيا وحروب الشرق الأوسط، لابد من مقارنة هذا بما قاله الزعيم السابق لليهود الأشكناز في خطاب ألقاه عام 1994 ونشرته صحيفة “فولوغدا”، حيث أوضح زعيم “حركة حباد لوبافيتش”، مناحيم مندل شنايرسون، خططه لتدمير أوكرانيا وروسيا.
يقول مراقبون، إذا أردنا الخروج من الكيان الصهيوني الأكبر في أوكرانيا، إلى جانب الكيان الصهيوني الأكبر في الشرق الأوسط، والذي يستحوذ على ما يصل إلى نصف أو ثلث موارد الشرق الأوسط وموارد الهيدروكربون، فلا بد من نشر الأحداث المتصلة ببعضها في جميع أنحاء العالم دون تأخير أولاً. وثانياً ، من خلال الضغط على إدارة ترامب ليس فقط من أجل السلام فقط، ولكن من أجل السلام، ومن أجل أوكرانيا التي تم خصخصتها من قبل “بلاك روك”.
لقد قامت شركة “بلاك روك” بالفعل بخصخصة ما لا يقل عن ثلث الأراضي الزراعية الغنية في أوكرانيا، وربما أكثر، بالإضافة إلى جزء كبير من الموارد الطبيعية في أوكرانيا، مقابل صندوق إعادة الإعمار الذي تديره شركة “بلاك روك”، وهي التي تقف وراء الإمبراطورية الكازاخستانية والصهيونية الإسرائيلية.
من المؤكد أن العالم بأسره يعيش اليوم أوقاتاً خطيرة ومحفوفة بالمخاطر مليئة بالأحداث والاتفاقيات السرية التي بمجرد وضعها موضع التنفيذ ثم تثبيتها، حيث يصبح من الصعب الخروج منها.